-
ع
+

تصورات خاطئة (11) هل يُجمِع الشيعة على تحريم القياس؟

 يتصور الكثير خطأً أن الشيعة يجمعون على تحريم القياس الفقهي.. والحال إن أول ما بدأ به الإجتهاد لدى الشيعة هو العمل بالقياس، وذلك على يد فقيهين كبيرين هما إبن الجنيد وإبن أبي عقيل العماني. ويُنقل بأن للأول كتاباً حول القياس عنوانه: (كشف التمويه والالتباس على اغمار الشيعة في أمر القياس).

ومن الغرابة حقاً أن يحصل العمل بالقياس في وسط معبّأ بكثرة الرواية والأخبار ونقد القياس والرأي والإستحسان وسائر صور الإجتهاد. وهذا ما جعل المحاولة تموت في مهدها، لا سيما وأنه لم يحتفظ بكتب هذين الفقيهين فتعرضت للضياع، كما أهمل العلماء أمر الفقيهين واعتبروهما من الشواذ في الوسط العلمي.

وأغرب من ذلك ما نُقل عن وجود جماعة من أصحاب الأئمة كانوا يعملون بذلك النوع من الإجتهاد، ومنهم من عُرف بقوة الوثاقة والجلالة، كالذي يطلعنا عليه الشريف المرتضى، وهو أن في رواة الشيعة من يقول بالقياس ويذهب إليه في الشريعة، كالفضل بن شاذان ويونس بن عبد الرحمن وجماعة معروفين[1]. ويؤيده اتهام الشيخ الصدوق للفضل بن شاذان بأنه كان يعمل بالقياس[2].

كذلك إن من المتأخرين من قام بتبرير العمل بالقياس بسبب الإنسداد الحاصل ببعد زماننا عن زمن النص، وان مضامين الأخبار عن أئمة أهل البيت لا تدل على حرمة العمل بالقياس عند عدم التمكن من العلم بالحكم. وبالتالي فالعمل به جاء للضرورة والإضطرار عندما تكون ظنيته أقوى من ظنية غيره من الطرق الكاشفة عن الحكم[3].

أما سائر الفقهاء فقد عُرف عنهم المنع من العمل بالقياس وسائر صور الإجتهاد الظني فيما لا نص فيه، ومنهم المنظّرون للفكر الشيعي خلال عصر الغيبة، وهم المفيد والمرتضى والطوسي.


[1]  مجموعة رسائل الشريف المرتضى، ج3، ص311. ومحمد مهدي بحر العلوم: الفوائد الرجالية، حققه وعلق عليه محمد صادق بحر العلوم وحسين بحر العلوم، نشر مكتبة الصادق، طهران، مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ج3، ص219.

[2]  الصدوق: من لا يحضره الفقيه، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم، الطبعة الثانية، 1404هـ، عن مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ج4، ص270.

[3]           فرائد الأُصول، ج1، ص253ـ254.

comments powered by Disqus