-
ع
+

شواهد الفقه المصادمة للعقل والمقاصد

يحيى محمد

سنتعرف في هذا البحث على مجمل التناقضات والمفارقات التي لحقت بالطريقة التقليدية جرّاء موقفها السلبي من الاستكشافات العقلية في مجال الأحكام، ومنها تلك التي لها علاقة بالمقاصد. فلقد أدت هذه الطريقة إلى الصدام مع العقل ومقاصد التشريع عبر حالتين من التعارض، احداهما لها علاقة بالنص الروائي، والاخرى لها علاقة بتقنية الإجتهاد النظري خارج حدود منطوق النصوص. ولكل منهما شواهد عديدة، كالذي يتبين أدناه..

1 ـ تعارض العقل مع النص 

من أبرز الشواهد التي تتعلق بتعارض العقل مع النص؛ ما ورد حول دية اصابع المرأة بما يعرف بصحيحة ابان بن تغلب، حيث روى عن الإمام الصادق قوله بأن دية قطع اصبع واحد من أصابع المرأة هي عشر من الإبل، وقطع اصبعين منها هي عشرون من الإبل، وقطع ثلاث اصابع منها يكون ثلاثين، أما قطع اربع اصابع فديته عشرون من الإبل. وبحسب الرواية ان ابان الذي كان حاضراً عند الإمام الصادق تعجب وقال: يا سبحان الله يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون ويقطع اربعاً فيكون عليه عشرون؛ ان هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله، ونقول: الذي جاء به شيطان. فأجابه الصادق بالقول: مهلاً يا ابان ان هذا حكم رسول الله، ان المرأة تقابل - وفي رواية تعاقل - الرجل إلى ثلث الدية، فاذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف. يا ابان انك اخذتني بالقياس.. والسنة اذا قيست محق الدين[1].

ومع أن في هذا الحديث مفارقة باعتباره يتضمن تخفيف الدية رغم تضاعف حجم الجرم دون سبب معقول، إلا أن فقهاء الإمامية أوردوه وما يتضمنه من حكم دون تشكيك[2]، وذلك اذا ما استثنينا السيد الخوئي في (مصباح الاصول) حيث قدّم عدداً من المناقشات حوله، كان أهمها أنه اعتبره ضعيف السند ولا يمكن الإعتماد عليه[3]. لكن تلميذه محمد تقي الحكيم استدرك وقال: ‹‹بلغنا ان الاستاذ عدل عن تضعيف الرواية لثبوت صحتها لديه، ولم تسعني مراجعته للتأكد من ذلك››[4].

وقد علّق المرحوم محمد جواد مغنية على هذا الحديث بالقول: أنه ‹‹صريح في أن عقولنا لا تدرك لهذا الحكم سراً وأنه تعبدي محض››[5]. وكذا اعتبره الاستاذ المظفر من الشرعيات المحضة أو التعبديات[6]، وقال في تبريره: ‹‹إنما الذي وقع من ابان قياس مجرد لم يكن مستنده فيه الا جهة الأولوية، إذ تصور - بمقتضى القاعدة العقلية الحسابية - أن الدية تتضاعف بالنسبة بتضاعف قطع الاصابع، فإذا كان في قطع الثلاث ثلاثون من الإبل فلا بد أن يكون في قطع الأربع أربعون، لأن قطع الأربع قطع شرعاً فيما يبلغ ثلث الدية فما زاد، وهي مائة من الابل››[7].

كما سبق ان علّق عليه الشيخ مرتضى الانصاري (المتوفى سنة 1281هـ) بقوله بأن الرواية ‹‹وان كانت ظاهرة في توبيخ ابان على رد الرواية الظنية التي سمعها في العراق بمجرد استقلال عقله بخلافه أو على تعجبه مما حكم به الإمام عليه السلام، من جهة مخالفته لمقتضى القياس، الا ان مرجع الكل إلى التوبيخ على مراجعة العقل في استنباط الاحكام. فهو توبيخ على المقدمات المفضية إلى مخالفة الواقع. وقد اشرنا، هنا وفي اول المسألة، إلى عدم جواز الخوض لاستكشاف الأحكام الدينية في المطالب العقلية والاستعانة بها في تحصيل مناط الحكم والانتقال منه اليه على طريق اللمّ، لأن انس الذهن بها يوجب عدم حصول الوثوق بما يصل اليه من الأحكام التوقيفية، فقد يصير منشأً لطرح الامارات النقلية الظنية، لعدم حصول الظن له منها بالحكم. وأوجب من ذلك ترك الخوض في المطالب العقلية النظرية لإدراك ما يتعلق بأصول الدين، فإنه تعريض للهلاك الدائم والعذاب الخالد››[8].

وورد ما يماثل الحديث المذكور في المصادر السنية، حيث التزم به جماعة من فقهاء التابعين وبعض ائمة المذاهب الأربعة ونسبوه إلى الرسول (ص). إذ جاء ان المالكية والحنابلة يرون ان دية جراح المرأة كدية جراح الرجل فيما دون ثلث الدية الكاملة، فإن بلغت الثلث أو زادت عليها رجعت إلى نصف دية الرجل. حتى روى النسائي بهذا الصدد عن النبي قوله: ‹‹عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها››[9]. واورد الإمام مالك في موطئه حواراً بين سعيد بن المسيب وربيعة بن ابي عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي، إذ سأل ربيعة سعيداً عن مقدار الدية فيما لو قطع رجل ثلاثاً من اصابع المرأة؟ فأجابه سعيد ان فيها ثلاثين من الإبل، وسأله عن مقدار الدية فيما لو قطع اربعاً، فأجاب أن فيها عشرين، فقال له ربيعة حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها! فرد عليه ابن المسيب: أعراقي انت؟ فقال: بل عالم متثبت، أو جاهل متعلم، فقال له سعيد: إنها السنة يا ابن أخي[10].

مع هذا فإن هذا الحكم لم يستسغه الحنفية والشافعية الذين رأوا ان الجناية على ما دون النفس في المرأة تقدر بحسب ديتها، لذلك تكون الدية نصفاً[11]. وعلّق الشافعي على محاورة ربيعة وابن المسيب الآنفة الذكر بقوله: ‹‹كنا نقول به ثم وقفت عنه وانا اسأل الله الخيرة لأنا نجد من يقول السنة ثم لا نجد نفاذاً بها عن النبي (ص) والقياس أولى بنا فيها››[12].

ويلاحظ من كل ما سبق ان الفقهاء، سواء في الساحة الشيعية أو السنية، لم يحتكموا إلى الوجدان العقلي إزاء مضمون الرواية الآنفة الذكر رغم أنها من الآحاد التي لا تفيد علماً، وانها تتعارض تعارضاً قطعياً مع مبادئ الحقوق الطبيعية والعدالة التي هي على رأس الثوابت العقلية ومقاصد التشريع.

ومثل ذلك يمكن القول بصدد عدد من الفتاوى التي تتعارض مع العقل، كفتوى جماعة من الفقهاء بكراهة التعامل مع بعض الأقوام والأجناس؛ كما في البيع والشراء والتزويج، بحجة أنهم من الجن، مثل الأكراد[13]، استناداً إلى نص الحديث الذي لا يتفق مع منطق العقل والواقع ولا مع مبادئ التشريع ومقاصده[14]. وكان المفكر الصدر يرى أن مثل هذا الحديث يخالف القرآن الكريم الذي يصرح بوحدة البشرية جنساً وحسباً ومساواة؛ مهما اختلفت أصنافهم وألوانهم، بل وأكّد على عدم حجية كل ما يخالف الروح العامة للقرآن الكريم أو كل ما لا ينسجم مع طبيعة تشريعاته ومزاج أحكامه العام[15].

ومثلها الفتوى التي تقول إن ولد الزنا كافر، والتي صرح بها جماعة من الفقهاء. وقديماً قال ابن ادريس الحلي في (السرائر): لا خلاف بين أصحابنا في أن ولد الزنا كافر[16]. واتبعه في هذا القول العلامة الحلي في (مختلف الشيعة)[17]. لكن الفاضل الآبي صرح في (كشف الرموز) بأن المسألة على قولين، إذ قال أكثر الفقهاء بأن ولد الزنا كافر[18]. وكذا جاء عن الفقهاء بأن ولد الزنا لا خير فيه وأنه شر الثلاثة[19]، وأنه لا تقبل شهادته ولا تجوز امامته، تبعاً لعدد من الروايات.

كما قال أكثر فقهاء الإمامية بأن ولد الكافر نجس تبعاً لأبويه باعتبارهما نجسين بسبب الكفر[20]، وكذا القول أنه كافر ايضاً[21]. وقال محمد بحر العلوم في (بلغة الفقيه): ‹‹ولد الكافر يتبع ابويه في الكفر والنجاسة؛ اجماعاً مصرحاً به في كلام جماعة، وهو الحجة››، واستشهد على ذلك ببعض الروايات عن الأئمة الاطهار[22].

ولا شك أن هذا الحكم لا يُقبل عقلاً ووجداناً، إذ لا ذنب للولد في كفر أبويه أو نجاستهما، وهو يتصادم مع المقاييس الشرعية، مثل قاعدة عدم الوزر: ((ولا تزر وازرة وزر أخرى)). فضلاً عن أن الكافر الكتابي طاهر بلا أدنى شك، بدلالة ان الله تعالى أجاز الزواج من الكتابيات كما في قوله تعالى: ((اليوم أُحلّ لكم الطيبات وطعام الذين أُوتوا الكتاب حِلٌّ لكم وطعامكم حِلٌّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أُوتوا الكتاب من قبلكم)) المائدة/5، ولا يتسق الحال بين التنجيس وبين المعاشرة الزوجية بكل ما فيها من ملابسات معنوية وحسية[23]. رغم أن من الفقهاء من لا يرى في ذلك حرجاً، كالحال مع السيد أبي القاسم الخوئي الذي يجيب في احدى فتاويه: ‹‹أما الازدواج مع الكتابية فجائز حتى دائمياً، وأما ما يرتبط بالطهارة والنجاسة فالأحوط وجوباً الاجتناب مما تمسه برطوبة مسرية كسائر النجاسات››[24]!.

ومن المعاصرين من ناقش الحكم السابق، كما هو الحال مع المحقق الخوئي وتلميذه الصدر، فمثلاً ناقش الخوئي الروايات المتعلقة بالحكم مثل صحيحة عبد الله بن سنان - وغيرها - التي تتضمن بأن أولاد الكفار يدخلون النار مثل آبائهم، فقال: ‹‹لا يخفى ان هذه الأخبار مخالفة للقواعد المسلمة عند العدلية، حيث أن مجرد علمه تعالى بإيمان أحد أو كفره لو كان يكفي في صحة عقابه أو ترتب الثواب عليه لم تكن حاجة إلى خلقه بوجه، بل كان يدخله في النار أو في الجنان من غير ان يخلقه.. الا أنه سبحانه خلق الخلق ليتم عليهم الحجة ويتميز المطيع من العاصي، ولئلا يكون للناس على الله حجة، وعليه كيف يمكن تعذيب ولد الكافر مادام لم يعص الله خارجاً. فهذه الأخبار غير قابلة للاستدلال في المقال، ولا مناص من تأويلها.. وعليه فلا دليل على نجاسة ولد الكافر سوى الاجماع والتسالم القطعيين المنقولين عن اصحابنا..››. ثم أنه تحفّظ من تمامية هذا الاجماع، واعتبر ان التوقف والمناقشة في نجاسة ولد الكافر له مجال واسع[25]. كما أن المفكر الصدر اعتبر روايات عقاب أولاد الكفار تتنافى بظاهرها للعدل الإلهي[26].

ومثل ذلك الفتوى التي ترى جواز استباق مقاتلة المشركين والكافرين لأجل العقيدة دون اعتداء. وكذا اشتراط العصمة عند البعض، والنسب القرشي في الحكم السياسي لدى البعض الآخر.

وعلى هذه الشاكلة عدد من الفتاوى المتعلقة بالنساء، مثل النهي عن تعليمهن الكتابة وسورة يوسف وتركهن بلّهاً[27]، وأنه يقطع الصلاة كل من المرأة والحمار والكلب الاسود[28]. وأنه لا يجوز قبول شهادة النساء في الأمور المالية مهما كان عددهن ما لم يكن معهن شاهد من الرجال، كالذي يقول به أبو بكر الهمذاني وغيره[29]. وأنه ليس من حق المرأة فسخ عقد الزواج عند انكشاف البرص والجذام لدى الرجل، خلافاً للأخير الذي من حقه هذا الفسخ كما يرى ذلك الإمامية أو الشيعة[30]. وأنه ليس للزوجة حقاً - على الزوج - في تلبية رغبتها الجنسية إلا مرة واحدة كل أربعة أشهر كما لدى الفقه الشيعي[31]، وأحياناً أكثر من ذلك أو أقل كما لدى المذاهب السنية، حتى أن الشافعي لا يوجب على الرجل شيئاً طيلة العمر[32]. وجاء عن الفخر الرازي أن الأصل في غرض تكليف النساء هو أن تنقاد للزوج وتمتنع عن المحرم، حيث أنها على رأيه مخلوقة كخلق الدواب والنبات وغير ذلك من المنافع التي يستمتع بها الرجال[33].

ومثلها ما جاء حول بيع أمهات الأولاد، حيث ذهبت الظاهرية، خلافاً لجمهور الفقهاء واكثر التابعين، إلى جواز بيعهن، واحتجوا على ذلك بما روي عن جابر أنه قال: كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وصدر من خلافة عمر، ثم نهانا عمر عن بيعهن. وقال ابن رشد الحفيد: ان من الثابت عن عمر أنه قضى بأن لا تباع أم الولد، وأنها حرة من رأس مال سيدها إذا مات. وروي عنه قوله في الاحتجاج عن عدم بيع أمهات الاولاد: ‹‹خالطت لحومنا لحومهن، ودماؤنا دماءهن››. وقد احتج ابن رشد على هذا الرأي بقول النبي: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وليس من مكارم الأخلاق أن يبيع المرء أم ولده[34].

وأخيراً الفتاوى التي تجمد على إمضاء الكثير من الأحكام الشرعية دون مراعاة للمقاصد والوجدان العقلي، مثل الأحكام المتعلقة بتحريم الرسم والنحت لكل ما فيه روح من الحيوان والإنسان، وتحريم سفر المرأة بغير محرم مطلقاً. ومثلها الأحكام المناطة بفرض الجزية والصغار على أهل الكتاب، وأحكام الرق وتقسيم الغنائم على المجاهدين، ووجوب الضعفية في القتال، وإعداد رباط الخيل، وحصر موارد الزكاة في المحاصيل الأربعة أو الأشياء التسعة، والمراهنة في السبق للصور الثلاث المعروفة، وحريم الأرض، والفتوى الخاصة بالعورات الثلاث... الخ.

2 ـ تعارض العقل مع الإجتهاد النظري 

من الشواهد التي يتعارض فيها الإجتهاد النظري للفقهاء مع حكم الوجدان العقلي ومقاصد التشريع ما ذكره محمد جواد مغنية من وجود عدد لا يحصى في كتب الفقهاء مما لا يتفق مع المبادئ الإسلامية، منها بعض الاجماعات التي اتفق عليها فقهاء الشيعة رغم أنها تتعارض مع عدالة الإسلام ومبادئه الإنسانية[35]. فمثلاً أجمع هؤلاء الفقهاء بأنه اذا كانت عين في يد انسان فأقر بها لآخر، ثم أقرّ بها لغيره، كما لو قال: هي لزيد، بل هي لعمر، وجب على المقر ان يدفع العين للاول، وثمنها بكامله للثاني، لأنه ساوى بينهما في الاقرار. يعطي العين للاول لتقدم الاقرار له، وثمنها للثاني، لأنه أحال بينه وبين حقه. وهذه (الحيلولة) بمنزلة التلف. ومن الواضح ان مثل هذا الحكم ضرر فاحش ومبالغ به على المقر، حيث حكم عليه بأكثر مما ثبت في الواقع، وأن أحد المحكوم لهما أخذ منه ما لا يستحقه ظلماً بحكم القضاء. فهنا يلاحظ ان هناك تعارضاً بين الوجدان العقلي في العدل والاستحقاق، وبين ما عليه الصنعة الفقهية من اعتبارات وضعية لا دليل عليها في النص ولا في العقل، حيث أصبح تعدد الاقرار وتساويه له من التأثير في الحقوق أكثر مما يستوجبه واقع الامر.

ومثل ذلك الشاهد ما أجمع عليه فقهاء الشيعة من أنه اذا ظلم قوي عاملاً فحبسه حائلاً بينه وبين عمله الذي يدرّ عليه وعلى عياله القوت؛ قالوا: ان القوي آثم يستحق الذم والعقاب، ولكن لا يجوز الحكم عليه بالمبلغ الذي فوّته على العامل، وبالتالي لا يحكم عليه بالعطل والضرر. لكن لو غصب دابة ضَمن منافعها سواء استوفاها الغاصب أم لا. وقد استند الفقهاء في ذلك التمييز والتفريق - بحسب ما أملت عليهم الصنعة من اعتبارات وضعية - إلى ان العامل نفسه انسان حر لا يتقوم بمال، فمنافعه كذلك، بخلاف الدابة فانها تتقوم هي ومنافعها بالمال. مع ان هذا الحكم، كما يرى الشيخ مغنية، يتنافى مع مبدأ الحرية واحترام الأنفس والأموال. والعرف لا يرى أدنى تفاوت بين حبس عامل لو ترك حراً لحصل على المال، وبين التعدي على ماله الحاصل. وبالتالي فإن الحكم السابق يتعارض مع الوجدان العقلي ومقاصد الشرع من ضرورة التعويض في الحقوق المضيعة بالاعتداء.

ومن ذلك ما ذكره صاحب (جواهر الكلام) بأن من الغريب ما صدر عن عدد من الفقهاء المعاصرين، ومنهم بعض مشايخه، من فتوى توجب على المحبوس في المكان المغصوب الصلاة على الكيفية التي كان عليها اول الدخول إلى هذا المكان؛ فإن كان قائماً فقائم، وإن كان جالساً فجالس، بل لا يجوز له الانتقال إلى حالة أخرى في غير الصلاة ايضاً، وذلك باعتبار ان أي حركة إنما هي تصرف في مال الغير بغير اذنه، ومن هؤلاء من يقول أنه ليس له ان يحرك أجفان عيونه أكثر مما يحتاج اليه، ولا يديه ولا سائر اعضائه، وان الحاجة تقدر بما تتوقف عليه حياته ونحوها. وهي فتوى ادعى أصحابها ان الفقهاء عليها. لكن النجفي اعتبرها من الخرافات غير اللائقة، خاصة وانها تفضي إلى ظلم المحبوس بأعظم من ظلم الظالم الذي الجأه إلى هذا الحبس المغصوب[36].

وعلى هذه الشاكلة ما ظهر من فتاوى أفضت إلى هدر الأموال وتبديدها، مثل تلك المتعلقة بصرف الخمس؛ كفتوى دفنه كله أو نصفه، أو القائه في البحر، أو الوصية عليه من واحد إلى آخر حتى ظهور الإمام المهدي. وقد استمر العمل ببعض هذه الفتاوى إلى ما يقارب تسعة قرون، ثم هجرها الفقهاء - مؤخراً - لإدراكهم أنها تخالف الوجدان بتضييعها الأموال وهدرها.

ومن ذلك ايضاً ما ذكره الشهيد الثاني في (المسالك) من الحيل المحرمة، وكذا الشيخ النجفي والبحراني، وهو أنه اذا كرهت المرأة زوجها، وارادت انفساخ عقد الزواج، فارتدت عن الإسلام انفسخ العقد وبانت منه.. فاذا رجعت بعد ذلك إلى الإسلام قُبل منها وتمت الحيلة[37].

ومثل هذا الاحتيال الذي يتنافى مع العقل والمقاصد فتح بعض الفقهاء الباب أمام الذين لا يريدون دفع الزكاة، وذلك ان بامكان الشخص ان يهب ماله إلى زوجته مثلاً قبل انقضاء الحول بيوم أو اكثر، ولو مع الاشتراط عليها ان تعيده له بعد اتمام الحول بيوم أو اكثر، وبذلك يتصور أنه لا يشمله هذا الفرض العظيم[38].

وكذا هو الحال فيما جاء في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) من أنه اذا أراد رجل ان يقول لزوجته: انت طاهر، فسبق لسانه وقال: انت طالق، يحكم القاضي بصحة الطلاق[39]. فبحكم الصنعة الفقهية اعتاد الفقهاء أن يتعبدوا باللفظ، وكأنه علة لا بد من ان يأتي معلوله على سنخه وشاكلته. فعندهم كما يقول قاسم أمين: ‹‹متى ذُكر اللفظ تم الأثر الشرعي››[40].

كما جاء في (قواعد الأحكام في مصالح الأنام) أنه إذا أتت الزوجة بالولد لدون أربع سنين ولو بساعة من حين طلقها الزوج، بعد انقضاء عدتها بالأقراء، فإن الولد يلحق بالزوج. رغم ان ذلك في غاية البعد وخلاف السنن الطبيعية[41].

ومثل ذلك ما نُقل عن ابي حنيفة قوله أنه اذا قال رجل لامرأة بحضرة الحاكم إن تزوجتكِ فأنت طالق، ثم قبِل نكاحها من الحاكم بإذنها، فإن الطلاق يقع عقيب النكاح، وعلى رأيه أنه لو أتت بولد لستة أشهر فإنه يلحقه، مع أنه غير معقول ويعد خروجاً عن السنن الطبيعية[42].

وكذا ما نُقل عن الشافعي بأنه إذا تعاشر الزوجان على الدوام مدة عشرين سنة فادعت عليه أنه لم ينفق عليها شيئاً ولم يكسها شيئاً، فعلى رأيه ان القول قولها، رغم ان ذلك خلاف العادة[43]. ومثله ما رآه الشافعي بأنه لو وطئ رجل أمته ثم استبرأها بقرء ثم أتت بتسعة أشهر من حين الوطء فإن ذلك لا يكفي إلحاق الولد بالرجل. مع ان هذه المدة تعد كافية وغالبة في الالحاق. وهو يقر بإلالحاق بأقل من هذه المدة في حالة الزوجة. لذلك خالفه بعض أصحابه[44]. وايضاً ما رآه الشافعي من أنه لو ادعى السوقة على الخليفة أو على ملك عظيم أنه استأجره لكنس داره وسياسة دوابه، فإن هذه الدعوى تقبل، رغم أنها غير معقولة، وقد خالفه بعض أصحابه لهذه العلة[45].

وهناك آراء ساقطة ما لا تحتاج إلى تعليق؛ كالذي رآه البعض ان من بين الترجيحات الخاصة بالأحق بالامامة هو ان يكون الإمام أحسن زوجة، وكذا أكبر رأساً وأصغر عضواً! فقد جاء في (الدر المختار) للحصفكي ان الأحق بالامامة تقديماً بل نصباً: الأعلم بأحكام الصلاة، ثم الأحسن تلاوة، ثم الاسن، ثم الأحسن خلقاً، ثم الأحسن وجهاً، ثم الأشرف نسباً، وبعضهم زاد الأحسن صوتاً، ثم الأحسن زوجة، ثم الأكثر مالاً، ثم الأكثر جاهاً، ثم الأنظف ثوباً، ثم الأكبر رأساً والأصغر عضواً، ثم المقيم على المسافر، ثم الحر الأصلي على العتيق، ثم المتيمم عن حدث على المتيمم عن جنابة...[46]. وعلق ابن عابدين على هذا النص، وقال فيما قال: قوله (ثم الأحسن زوجة) لأنه غالباً يكون أحب لها وأعف لعدم تعلقه بغيرها، وهذا مما يعلم بين الاصحاب أو الأرحام أو الجيران، إذ ليس المراد ان يذكر كل منهم اوصاف زوجته حتى يعلم من هو أحسن زوجة... (ثم الأكبر رأساً) لأنه يدل على كبر العقل مع مناسبة الأعضاء له، والا فلو فحش الرأس كبراً والأعضاء صغراً كان دلالة على اختلال تركيب مزاجه المستلزم لعدم اعتلال عقله. وفي حاشية ابي السعود: وقد نقل عن بعضهم في هذا المقام ما لا يليق أن يذكر فضلاً عن أن يكتب. وكأنه يشير إلى ما قيل ان المراد بالعضو الذكر[47].

اخيراً فإن هناك ممارسات إجتهادية لا يستسيغها الوجدان لكون بعضها يتناقض مع البعض الآخر ضمن المذهب الواحد، كتلك التي عرضها ابن القيم في (اعلام الموقعين) عن اتباع المذاهب الأربعة[48]. واعظم من ذلك تكريس منطق الفرقة الناجية وسط ما يطلق عليه فرق الضلال، ومن ثم إبطال عبادات أهلها، وعدم الاعتراف لهم بالايمان، مما ينافي كلاً من مقاصد التشريع ووجدان العقل الفطري.

 

***

 

هكذا تتبين حاجة الفقه لإعادة النظر في موقفه من العقل وايجاد الضوابط التي تخرجه عن أحكام الهوى. وكذا تتبين الحاجة لإعادة النظر في الموقف من الروايات التي غالباً ما تحوم حولها الشكوك من كل جانب، إذ تصطدم تارة بالعقل، واخرى بالواقع ونظام الخلقة، وثالثة بالمقاصد، ناهيك عما ينتابها من كثرة التعارض ومشاكل أخرى كثيرة، كالتي فصلنا الحديث عنها في (مشكلة الحديث). وبالتالي كان لا بد من إخضاع الممارسة الإستنباطية للفقه تحت حكم المبادئ الاساسية الثلاثة (العقل والواقع والمقاصد). فهي مقدمة على كل ما يعارضها من الأحكام الظنية[49].

 

 



[1] أبرز من أورد هذا الحديث الكليني في (الكافي)، ونص رجاله كالتالي: علي بن ابراهيم عن ابيه، ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعاً عن ابن ابي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن ابان بن تغلب عن الإمام الصادق (الكليني: الكافي في الأصول والفروع، تحقيق وتعليق علي أكبر الغفاري، نشر دار الكتب الإسلامية، تهران، 1367هـ، المعجم الفقهي الالكتروني، ج7، ص299).

[2] انظر حول ذلك المصادر التالية: الطوسي: تهذيب الأحكام، تحقيق حسن الخرسان ومحمد الاخوندي، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الرابعة، 1365هـ.ش، ج10، ص184.  والحدائق الناضرة، ج1، ص61. كذلك مصادر المعجم الفقهي الالكتروني التالية: الصدوق: من لا يحضره الفقيه، ج4، ص119. والتوني: الوافية في اصول الفقه، ص230. وزين الدين العاملي: مسالك الافهام، ج15، ص110. وشرح اللمعة الدمشقية، ج10، ص41. والاردبيلي: مجمع الفائدة، ج14، ص79. والنجفي: جواهر الكلام، ج42، ص86. والخوانساري: جامع المدارك، ج6، ص276. والخوئي: مباني تكملة المنهاج، ج2، ص206.

[3] محمد سرور الواعظ البهسودي: مصباح الاصول، تقرير بحث الخوئي، مكتبة الداوري، قم، الطبعة الخامسة، 1417هـ، المعجم الفقهي الالكتروني، ج2، ص60.

[4] محمد تقي الحكيم:  الأصول العامة للفقه المقارن، مؤسسة آل البيت، الطبعة الثانية، 1979م، ص326.

[5] فقه الإمام جعفر الصادق، ج6، ص342. رغم ان الشيخ مغنية صرّح في محل آخر ما ينقض تصريحه الانف الذكر، حيث ذكر في كتابه (الشيعة في الميزان، ص370) ان أي حكم يتعارض مع مبدأ من مبادئ الإسلام مردود لا يسوغ نسبته إلى الإسلام، كان من كان قائله. وحتى لو كان هناك حديث يخالف ذلك فإنه يجب إهماله أو صرفه عن ظاهره، مهما كان راويه.

[6] اصول الفقه، ج3، ص203-204.

[7] اصول الفقه، ج2، ص179.

[8] مرتضى الانصاري: فرائد الاصول، تحقيق وتقديم عبد الله النوراني، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثالثة، 1411هـ، ج1، ص21.

[9] وهبه الزحيلي: الفقه الإسلامي وادلته، دار الفكر، دمشق، الطبعة الثانية، 1405هـ ـ1985م، ج6، ص359-360 .

[10] مالك: الموطأ، صححه ورقمه وأخرج أحاديثه وعلق عليه محمد فؤاد عبد الباقي، دار احياء الكتب العرية، مصر، 1370هـ ـ1951م، ج2، باب ما جاء في عقل الاصابع، ص860. كما انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، دار احياء التراث العربي، الطبعة الرابعة،  1408هـ ـ1988م، ج10، ص190. وابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث، مطبعة كردستان العلمية، مصر، الطبعة الاولى، 1326هـ، ص134

[11] الفقه الإسلامي وادلته، ج6، ص359-360 .

[12] محمد بن الحسن الشيباني: الحجة على أهل المدينة، رتب اصوله وعلق عليه مهدي حسن الكيلاني القادري، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الثالثة، 1403هـ ـ1983م، ج4، هامش ص280-281.

[13] واقع الحال ان هذه الفتوى قد اطبق عليها فقهاء الإمامية المتقدمون منهم والمتأخرون، كالذي يلاحظ في المصادر التالية كما عن المعجم الفقهي الالكتروني: يحيى بن سعيد الحلي: الجامع للشرايع، ص245. والعلامة الحلي: منتهى المطلب، ج2، ص1003. وتذكرة الفقهاء، ج1، ص222. وتبصرة المتعلمين، ص119. ومحمد بن مكي العاملي: الدروس، ص180. وابن فهد الحلي: المهذب البارع، ج3، ص182. وزين الدين العاملي: مسالك الأفهام ج3، ص186. والمحقق الأردبيلي: مجمع الفائدة، ج8، ص129. والمحقق السبزواري: كفاية الأحكام، ص84. والحدائق الناضرة، ج18، ص40. وعلي الطباطبائي: رياض المسائل، ج1،  ص520. وجواهر الكلام، ج22، ص457. والخوانساري: جامع المدارك، ج3، ص137. والصدوق: علل الشرائع، ج2، ص244. ومن لا يحضره الفقيه، ج3، ص164. والطوسي: تهذيب الأحكام، ج7، ص405. وابن ابي جمهور الأحسائي: عوالي اللئالي، ج3، ص302. وأبو الفتح الكراجكي: معدن الجواهر، ص71.

ثم ان الفقهاء لم يكترثوا بمشكلة اعتبار الأكراد من الجن، بل اخذوا ما في الروايات وسلموا بها، باستثناء بعض مشايخ البحراني حيث ذكر بأنه ربما يأول أنهم من الجن لسوء أخلاقهم وجبلتهم أشباه الجن، فكأنهم منهم كشف الغطاء عنهم (الحدائق الناضرة، ج18، ص41، وجامع المدارك، ج3، ص137). كذلك ان بعض المعاصرين أخذ يوجه ما جاء في الأكراد بأن ››المراد بهم ليس هو من يتكلم بلغة الاكراد، بل الظاهر ان المراد بهم - كما عن الخوزي - هو الجيل المعهود منهم في صدر الإسلام، وان شئت قلت: ان المراد بالاكراد القوم المطاردون الراحلون من مكان إلى مكان، وعلة الكراهة حينئذ لعلها التعرب والبعد عن الفقه والمسائل والأحكام›› (محمد صادق الروحاني: فقه الصادق، مؤسسة دار الكتاب، قم، الطبعة الثالثة، 1414هـ، المعجم الفقهي الالكتروني، ج15، ص170). ونرى ان هذا التوجيه متأثر بفعل ضغوط الواقع الحالي، لذا لم يرد عن القدماء شيء يذكر بهذا الخصوص.

[14] وعلى هذه الشاكلة وردت أحاديث تمنع من التزاوج مع عدد من الأقوام بحجة ان لهم أرحاماً تدل على غير الوفاء، أو أنه ليس فيهم نجيب (لاحظ: الحر العاملي: وسائل الشيعة، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لاحياء التراث، قم، الطبعة الاولى،1412هـ، ج20، ص82). وعادة ما يتعامل الفقهاء مع مثل هذه القضايا باعتبارها حقيقية مطلقة وليست خارجية رهن السياق الظرفي الخاص، مما يتسق ومقالة الحقائق الخفية التي نقدناها.

[15] محمود الهاشمي: بحوث في علم الأصول، تقريراً لأبحاث السيد محمد باقر الصدر، المعجم العلمي للامام الصدر،  الطبعة الأولى، 1405هـ، ج4، تعارض الأدلة الشرعية.

[16] السرائر، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، الطبعة الثانية، 1411هـ، المعجم الفقهي الالكتروني، ج2، ص353.

[17] الحلي: مختلف الشيعة، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، الطبعة الاولى، 1415هـ، المعجم الفقهي الالكتروني، ج5، ص235.

[18] ابو علي الحسن الآبي: كشف الرموز في شرح المختصر النافع، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، الطبعة الاولى، 1410هـ، المعجم الفقهي الالكتروني، ج2، ص524.

[19] حيث روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: ‹‹يقول ولد الزنا: يارب ما ذنبي، فما كان لي في أمري صنع؟ قال: فيناديه مناد فيقول: أنت شر الثلاثة؛ أذنب والدك فنبتَّ عليهما، وانت رجس ولن يدخل الجنة الا طاهر›› (عن: عبد الاعلى السبزواري: مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام، مؤسسة المنار، قم، 1413هـ، ج1، ص381). وروي في المصادر السنية أنه بلغ عائشة ان ابا هريرة يقول: ان رسول الله (ص) قال: لأن امتع بسوط في سبيل الله احب اليّ من ان اعتق ولد الزنا، وان رسول الله قال: ولد الزنا شر الثلاثة.. فقالت عائشة: رحم الله أبا هريرة أساء سمعاً فأساء إصابة، أما قوله: لأن امتع بسوط في سبيل الله احب الي من ان اعتق ولد الزنا، أنها لما نزلت ((فلا اقتحم العقبة وما إدراك ما العقبة)) قيل: يا رسول الله: ما عندنا ما نعتق الا أن أحدنا له جارية سوداء تخدمه وتسعى عليه، فلو أمرناهن فزنين فجئن بالأولاد فاعتقناهم، فقال رسول الله: لأن امتع بسوط في سبيل الله احب الي من ان أمر بالزنا ثم اعتق الولد. واما قوله: ولد الزنا شر الثلاثة فلم يكن الحديث على هذا، إنما كان رجل من المنافقين يؤذي رسول الله (ص) فقال: من يعذرني من فلان؟ قيل: يا رسول الله مع ما به ولد زنا، فقال رسول الله (ص): هو شر الثلاثة. والله يقول: ((ولا تزر وازرة وزر أخرى))... الخ (الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين، عن شبكة المشكاة الالكترونية، ج2، حديث 2855).

[20] الحدائق الناضرة، ج5، ص201. ومحمد العاملي: مدارك الأحكام، مؤسسة آل البيت، الطبعة الاولى، قم، 1410هـ، المعجم الفقهي الالكتروني، ج2، ص298. وفقه الإمام جعفر الصادق، ج1، ص35.

[21] الطوسي: الخلاف، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الاولى، 1417هـ، المعجم الفقهي الالكتروني، ج3، ص596.

[22] محمد بحر العلوم: بلغة الفقيه، شرح وتعليق محمد تقي آل بحر العلوم، نشر مكتبة الصادق، طهران، الطبعة الرابعة، 1403هـ ـ1984م، المعجم الفقهي الالكتروني، ج4، ص213.

[23] مع هذا اعتبر السيد الخوئي ان البحث عن نجاسة ولد الكافر وطهارته لا يتوقف على القول بنجاسة أهل الكتاب، بل البحث يجري حتى على القول بطهارتهم، لأن الكلام حينئذ يقع في من يولد من المشرك (الخوئي: كتاب الطهارة، ضمن التنقيح في شرح العروة الوثقى، دار الهادي، قم، الطبعة الثالثة، 1410هـ، المعجم الفقهي الالكتروني، ج2، ص64). مما يعني أنه لو ثبتت طهارة أهل الكتاب لاضطر الفقهاء إلى تقييد وتخصيص لفظي الكافر والكفار الواردين في الروايات وحملهما على المشركين فحسب.

[24] منية السائل، مجموعة فتاوى السيد أبي القاسم الخوئي، جمعه ورتبه موسى مفير الدين عاصي، ص100، عن مكتبة زين الدين الالكترونية http://zainealdeen.com/library .

[25] كتاب الطهارة، ج2، ص65ـ67.

[26] محمد باقر الصدر: بحوث في شرح العروة الوثقى، مطبعة الاداب، النجف، المعجم الفقهي الالكتروني، ج3، ص296 وما بعدها.

[27] حيث روي عن الإمام الصادق قوله: لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة ولا تعلموهن سورة يوسف، وعلموهن المغزل وسورة النور (وسائل الشيعة، ج20، ص176-177. والنوري: مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لاحياء التراث، بيروت، الطبعة الثانية، 1409هـ ـ1988م، ج4، الحديث الأول من باب استحباب تعليم النساء سورة النور). وروي الحديث ايضاً عن النبي (ص) كما في المصادر السنية، واعتبره ابن الجوزي حديثاً غير صحيح (ابن الجوزي: الموضوعات، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، نشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة، الطبعة الاولى، 1386هـ ـ1966م، المعجم الفقهي الالكتروني، ج2، ص268). لكن في رواية أخرى عن النبي نهى فيها عن تعليم النساء سورة يوسف، وقد صححها الحاكم النيسابوري في المستدرك (الزركشي: البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، دار احياء الكتب العربية، القاهرة، الطبعة الاولى، 1377هـ، المعجم الفقهي الالكتروني، ج3، ص29. وانظر ايضاً: الشوكاني: نيل الاوطار، دار الجيل، بيروت، 1973م، ج9، ص105).

[28] صحيح مسلم، ج1، حديث 265ـ266. وابن العربي: أحكام القرآن، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، ج4، ص1606.

[29] الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار، ص11. وانظر ايضاً: جواهر الكلام، ج14، ص400.

[30] محمد جواد مغنية: الفقه على المذاهب الخمسة، ص333.

[31] يوسف البحراني: الحدائق الناضرة، ج23، ص89.

[32] السيد سابق: فقه السنة، دار الفكر، بيروت، الطبعة الرابعة، 1403هـ ـ 1983م، ج2، ص163.

[33] الفخر الرازي: التفسير الكبير، مكتب الإعلام الإسلامي، قم، الطبعة الثالثة، 1411هـ، ج24، ص110.

[34] ابن رشد الحفيد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار المعرفة، بيروت، الطبعة السابعة، 1405هـ ـ 1985م، ج2، كتاب أمهات الاولاد، ص395ـ397.

[35] انظر: محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان، دار التعارف، الطبعة الرابعة، 1399هـ ـ1979م، ص370ـ372.

[36] محمد حسن النجفي: جواهر الكلام في شرائع الإسلام، مؤسسة المرتضى العالمية ـ دار المؤرخ العربي، الطبعة الاولى، 1412هـ ـ1992م، ج3، ص416-417.

[37] مسالك الافهام، ج9، ص204. وجواهر الكلام، المعجم الفقهي، ج32، ص203. والحدائق الناضرة، ج25، ص379. والشيعة في الميزان، ص372.

[38] محمد رشيد رضا: تفسير المنار، دار الفكر، الطبعة الثانية، ج2، ص119. ومن ذلك ما نقل عن تحايل ابي يوسف في هذه القضية من دفع الزكاة خلاف المقاصد، كالذي نقله صدر المتألهين في تفسيره لسورة البقرة (تفسير القرآن الكريم، حققه وضبطه وعلق عليه محمد جعفر شمس الدين، دار التعارف، 1419هـ ـ1998م، ج3، ص84).

[39] الشيعة في الميزان، ص372.

[40] قاسم أمين: تحرير المرأة، الاعمال الكاملة، تحقيق محمد عمارة، دار الشروق، الطبعة الثانية، 1989 م، ص404.

[41] قواعد الأحكام في مصالح الأنام، المثال الثالث ضمن فصل (فيما أثبت على خلاف الظاهر).

[42] قواعد الأحكام في مصالح الأنام، المثال الرابع عشر ضمن الفصل السابق.

[43] المصدر السابق، المثال الثالث عشر.

[44] المصدر السابق، المثال السادس.

[45] المصدر السابق،  المثال الحادي عشر.

[46] الحصفكي:  الدر المختار شرح تنوير الابصار في فقه مذهب الإمام ابي حنيفة النعمان، دار الفكر، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية: wwwyasoobcom، ج1، ص600ـ601.

[47] ابن عابدين: حاشية رد المختار على الدر المختار،  دار الفكر، بيروت، 1415هـ ـ1995م، عن المعجم الفقهي الالكتروني، ج1، ص601.

[48] اعلام الموقعين، ج1، ص278 وما بعدها. كما انظر كتابنا: العقل والبيان والاشكاليات الدينية، مؤسسة الانتشار العربي، الفصل الرابع.

[49] انظر حول ذلك: جدلية الخطاب والواقع، دار أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الثانية، خاصة الفصل الأول منه.


comments powered by Disqus