-
ع
+

موقف الإخبارية من العقل الأصولي

يحيى محمد

إذا كان الغالب في صراع البيان مع العقل لدى ابن تيمية يدور حول علم الكلام والعقائد، فإن هذا الصراع قد اتخذ منحى مغايرًا لدى الإسترابادي وأتباعه، حيث تركّز بالأساس على الفقه والفروع. فالغالب على العلماء أنهم فقهاء لا متكلمون، وإن كان المتكلم فيهم فقيهًا، فالعكس لا يصح. ومع ترسّخ الأصل الرابع في مصادر التشريع عند علماء الأصول من الشيعة، وهو العقل، وكون السجال الفكري الدائر في الساحة الشيعية قد انحصر ـ في جوهره ـ ضمن ميدان الفقه أكثر من الكلام؛ لذا فقد تبلورت الخصومة الإخبارية على هذا الأساس، لا سيما وأن الاجتهاد القائم على بعض المعايير العقلية كان محل قبول وممارسة واسعة لدى جمهور الفقهاء.

إذاً، هذا ما جعل زعيم الإخبارية محمد أمين الإسترابادي وأتباعه يرون أن مشكلتهم الأساسية هي مع العقل في الفقه لا الكلام.

لذلك كانت أولى التهم التي يوجّهها الإخباريون إلى الأصوليين هي تقديم العقل على النص في بناء الأحكام. فبحسبهم، أن الأصوليين يبدأون في كتبهم العلمية بالاستدلال العقلي، ثم يستدركون بعده بالدليل السمعي كدليل مؤيد لا أصلي، فيكون المدار هو العقل لا النقل. وهذا ما جعل معظمهم يقدّم العمل بالبراءة الأصلية والإستصحاب ونحوهما من الأدلة العقلية على الأخبار الضعيفة والموثقة بإصطلاحهم.

وقد استشهد الشيخ يوسف البحراني على هذا المسلك بما نقله المحقق الحلي عن الشريف المرتضى حول جواز إزالة النجاسة بالمائع، إذ قال الحلي: «أما علم الهدى (المرتضى) فإنه ذكر في (الخلاف) أنه إنما أضاف ذلك إلى المذهب لأن من أصولنا العمل بدليل العقل ما لم يثبت النقل، وليس في الأدلة النقلية ما يمنع من إستعمال المائعات في الإزالة ولا ما يوجبها، ونحن نعلم أنه لا فرق بين الماء والخل في الإزالة بل ربما كان غير الماء أبلغ، فحكمنا حينئذ بدليل العقل».

غير أن هذه الأدلة التي يطرحها أتباع الدائرة العقلية، تُعدّ من وجهة نظر الإخباريين غير منضبطة، وعلى رأيهم أن الحق في خلافها، مستندين إلى ما ورد في الأخبار عن الأئمة من وجوب البناء في الأحكام الشرعية على العلم واليقين، ومع فقدانهما فسبيل المكلّف هو الوقوف على جادة الاحتياط. فالأحكام الفقهية من عبادات وغيرها كلها تُعدّ عندهم توقيفية تحتاج إلى السماع عن الأئمة، وقد دلّت الأخبار في نظرهم على حرمة القول في الأحكام الشرعية بغير سماع منهم، ووجوب الرد إليهم، والتوقف والإحتياط عند عدم تيسر طريق العلم. وكل ذلك يدل عندهم على قصور العقل عن أن يلج أغوار تفاصيل التشريع، وأن القول باستقلاله في ذلك يفضي إلى بطلان إرسال الرسل وإنزال الكتب[1].

على أن تحديد العقل لدى الفقهاء القدماء من الإمامية الأصوليين كثيراً ما يتخذ معنى البراءة والإستصحاب، ومنهم من اعتبر البراءة حالة من الإستصحاب، فالحالة الأصلية براءة الذمة قبل الشرع، ومنها يُستصحب هذا الحكم وسمّوه بإستصحاب الحال واعتبروه دليلاً عقلياً على البراءة والحلية[2]، ومنه ظهر الخلاف بين الأصوليين والإخباريين حول تثنية الأحكام وتثليثها.

فقد ذهب الإسترابادي وغيره من الإخباريين إلى أنه لا تكليف قبل ورود الشرع، وهو ما يستلزم الحكم بالبراءة. لكن هذا الحكم لم يأت عبر الدليل العقلي كما يستدل بذلك الأصوليون. بل إنهم ينكرون التكاليف العقلية التي تسبق التكليف الديني، والتي يعوّل عليها المتكلمون من الإمامية، كتلك المبنية على قضية الحسن والقبح.

وسبق للاسترابادي أن أيّد بدر الدين الزركشي - وهو من الأشاعرة - في إعتقاده بأن الحسن والقبح ذاتيان، لكن من دون أن يترتب عليهما الحلال والحرام من الأحكام الدينية، بل هي أمور موقوفة على الشرع والخطاب الديني[3]. ورأى أن المصدر المعوّل عليه في معرفة هذه الأمور مأخوذ من الأخبار المروية عن الأئمة، ومن ذلك أنه استدل على نفي التكليف قبل ورود الشرع بوجود الروايات الصريحة بأن كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي، وبأن ما حُجب علمه عن العباد فهو موضوع عنهم[4]. أما بعد ورود الشرع فالأمر مختلف، فبرأيه أن الأئمة قرروا بأنه لا براءة من حيث الأحكام، لنصّ الشرع على وجوب التوقف عن الحكم عند اليأس من التوصل إلى معرفته من منابعه الأصلية.

أما حول الموضوعات التي لا علاقة لها بالأحكام الشرعية، فقد اعتبر الاسترابادي أن فيها تفصيلاً مستمداً من الشرع، فتارة يتوجب البناء على العدم أو البراءة، وأخرى على الإحتياط[5].

وعليه، وجّه الإخباريون نقدهم إلى الفقهاء الأصوليين، متهمين إياهم بالاعتماد على العقل في التشريع، وهو ما قادهم إلى القول بانقسام الأحكام إلى قسمين فقط، بحسب ما يُعرف بـ (التثنية): حلال بيّن وحرام بيّن، دون أن يوجبوا الوقوف أو العمل بالاحتياط في موارد الجهل بالحكم الشرعي. في المقابل، ترى الإخبارية أن الأحكام – استنادًا إلى عدد من الروايات – تنقسم إلى ثلاثة أقسام: حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك، وهو ما يُعرف بـ (التثليث)[6].

ومع أن هناك أخباراً أخرى تعارض تلك التي تدل على تثليث الأحكام، إلا أن الإخباريين عمدوا إلى تقييد بعضها وتوهين دلالة البعض الآخر[7]، ليؤكدوا على موقفهم بوجوب الاحتياط في موارد الشبهة وعدم الاكتفاء بالبراءة. بل إن بعضهم ذهب إلى أن من الأصوليين القدماء من وافقهم على التثليث، كالمحقق الحلي والشيخ الطوسي وما نقله عن استاذه الشيخ المفيد[8].

غير أن هذه النسبة، في واقع الحال، غير دقيقة. فما ورد عن الطوسي في (عدة الأصول)، وكذا عن المفيد في (شرح عقائد الصدوق)، لا يتضمن القول بتثليث الأحكام مطلقًا، بل يُفهم منه الوقف في حالة الحكم العقلي في مرحلة ما قبل ورود الشريعة، أما بعد ورود التشريع؛ فإن الحكم عندهما هو البراءة والحلية[9].

والأساس الذي يعتمد عليه الأصوليون في تثنية الأحكام، هو القاعدة العقلية التي تفيد بأن عدم وجود الدليل هو دليل العدم، خلافاً للقاعدة المنطقية التي تقول: أن عدم وجدان الشيء لا يدل على نفيه، وهذا ما كان يشير إليه المحقق الحلي بقوله: «أن يقال: عدم الدليل على كذا فيجب انتفاؤه، وهذا يتضح فيما أنه يعلم أنه لو كان هناك دليل لظفر به، أما لا مع ذلك فإنه يجب التوقف ولا يكون ذلك الإستدلال حجة ومنه القول بالإباحة لعدم دليل الوجوب والحظر»[10].

أما الإخباريون فإنهم يمنعون الأخذ بالدليل العقلي ويكتفون بما تشير إليه الروايات والأخبار، ومن ذلك أن الشيخ يوسف البحراني أشار إلى وجود تواتر في الأخبار على قاعدة الوقف حين عدم وجدان الدليل[11]. وهذا ما استدعاه إلى التفصيل، ذلك لأنه يعتبر البراءة على قسمين: الأول موضع اتفاق الجميع، إذ يُقصد بها نفي الوجوب في فعل وجودي إلى أن يثبت دليله، بمعنى أن الأصل عدم الوجوب حتى يقوم عليه دليل. ففي هذا القسم لم يذهب أحد إلى أصالة الوجوب؛ لاستلزام ذلك تكليف ما لا يطاق.

أما البراءة وفق القسم الثاني، فيُقصد بها نفي التحريم في فعل وجودي إلى أن يثبت دليله، والأصل في ذلك عند الأصوليين الإباحة وعدم التحريم، وهو ما يُعرف بالبراءة الأصلية حسب دليلها العقلي، أما الأصل عند الإخباريين فهو الوقف والعمل بالإحتياط[12].

وطبقاً لهذا التقسيم حاول البحراني أن يفسر الأخبار الدالة على البراءة من خلال تقييد دلالة بعضها بالقسم الأول وتضعيف دلالة البعض الآخر، ومن ذلك قول الإمام الصادق: «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي». إذ اعتبر البحراني أن النهي وارد حول القول بغير علم في الأحكام الشرعية وارتكاب الشبهات، مع حصول العلم بالعمل والإحتياط في بعض موارد النزاع والتوقف في الآخر. وبالتالي عدّ مضمون هذا الخبر وأمثاله خاصاً بما قبل إكمال الشريعة، أو بمن لم يبلغه النهي العام المعارض لهذه الأخبار[13]. كما أن الخبر المذكور هو من الروايات المرسلة التي لا سند لها، وكثيراً ما يعتمد عليه الأصوليون[14].

والحال ذاته ينطبق على الإستصحاب وغيره من الأصول العملية، ومن حالاته الخاصة أن يستصحب الحكم الشرعي في موضوع طرأت فيه حالة جديدة لم يعلم شمول الحكم الشرعي لها، كما لو دخل متيمم في الصلاة ثم وجد ماء في أثنائها؛ هل يستصحب ويستمر على فعلها، أم أنه يستأنف ذلك بالإعادة؟ وقد قال جملة من الأصوليين بحجية هذا النوع من الإستصحاب، بحسب الدلالة العقلية، في حين ذهب أغلب المحدثين وجملة من الأصوليين إلى عدم حجيته، ومن هؤلاء المفيد والمرتضى والمحقق الحلي والشيخ حسن العاملي وغيرهم[15].

وقد نقد الإسترابادي جماعة من المتأخرين في هذا المجال، وكما قال إن كثيراً منهم زعموا بأن قول الأئمة (ع): «لا تنقض اليقين بشك أبداً، وإنما تنقضه بيقين آخر» جار في نفس أحكام الله تعالى، في حين أنه برأي الإسترابادي مخصوص بأفعال الإنسان وأحواله وأشباههما من الوقائع المخصوصة، ومن جملة ذلك أن بعض العلماء المتأخرين توهم في قول الأئمة: «كل شيء طاهر حتى تستيقن أنه قذر» بأنه يعم صورة الجهل بحكم الله تعالى، فإذا لم نعلم أن نطفة الغنم طاهرة أو نجسة نحكم بطهارتها، وعلى رأي الإسترابادي أن مراد الأئمة هو أن كل صنف فيه طاهر وفيه نجس، كالدم والبول واللحم والماء واللبن والجبن مما لم يميز الأئمة (ع) بين فرديه بعلامة، فهو طاهر حتى تُعلم أنه نجس، وكذلك كل صنف فيه حلال وحرام مما لم يميز الأئمة بين فرديه بعلامة فهو حلال حتى تُعرف الحرام بعينه[16]. ومن ذلك أيضاً ما روي عن الإمام الصادق أنه قال: «كل شيء يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال أبداً حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه».

وبحسب وجهة النظر هذه أن الإمام «أراد بذلك الشيء المعين الذي قد يكون هو بعينه حراماً لعارض كالطير المأكول اللحم فإن مذبوحه حلال وميتته حرام، لا كالطير المطلق فإن منه ما هو حلال ومنه ما هو حرام، فلا يحل الحرام منه لعدم العلم بحرمته»[17].

وللشيخ البحراني محاولة لتخفيف حدّة النزاع بين فريقي الإخبارية والأصولية، حتى وُصفت أعماله بالوسطية. إذ علّق على ما ذكره العلماء من أن هناك وجوهاً كثيرة للفوارق بين الإتجاهين[18]، معتبراً أن أغلبها أو جميعها لا يثمر فرقاً في المقام عند التأمل.

وذكر في هذا المجال، أن من أظهر ما اعتمدوه فرقاً في المقام هو كون الأدلة عند المجتهدين أربعة، وهي الكتاب والسنة والإجماع ودليل العقل المتمثل في البراءة الأصلية والإستصحاب. في حين أنها عند الإخباريين عبارة عن الكتاب والسنة فقط. واعتبر البحراني أن هذا الفارق فيه نظر، ذلك أن الإجماع المذكور لا يُعتمد عليه لدى المجتهدين الأصوليين من الناحية التطبيقية. ففي الكتب الإستدلالية يناقشون في ثبوته وحصوله وينازعون في تحققه ووجود مدلوله حتى يضمحل أثره كلية.

وأما دليل العقل، فبرأي البحراني أن الخلاف في حجيته بين المجتهدين الأصوليين وارد، وأن منهم من قام بمنعه، وقد فصّل المحقق الحلي في أول كتاب (المعتبر)، والمحقق الشيخ حسن في كتاب (معالم الدين)، وغيرهما، الكلام في البراءة الأصلية والإستصحاب على وجه يدفع تمسك الخصم به في هذا الباب.

كما أن من الفروق المذكورة هو أن الأشياء عند الإخباريين على التثليث، حرام بيّن وحلال بيّن وشبهات بين ذلك، وأما عند المجتهدين فالأشياء محددة بحسب الأولين فقط. واعتبر البحراني أن في هذا الوجه نظراً أيضاً، ذلك أن الشيخ الطوسي في (عدة الأصول) وقبله الشيخ المفيد كانا قد ذهبا إلى التثليث، مثلما كان عليه قدماء الإخبارية، مع أنهما من أساطين المجتهدين الأصوليين.

لكن هذه النسبة غير دقيقة، إذ قد تبيّن لنا أن الشيخين لم يذهبا إلى التثليث، وإنما تبنّيا مبدأ الوقف في الأحكام العقلية قبل ورود الشريعة. أما بعد التشريع، فقد التزما بمبدأ الحلية والبراءة الأصلية، مما يجعلهما من أصحاب التثنية، لا التثليث، وبالتالي فهما من القائلين ببراءة الذمة في غير مورد العلم بالحكم الشرعي، خلافًا لما نسب إليهما.

كما ذكر البحراني بأن الشيخ الصدوق، وهو من الإخباريين القدماء، قد صرح في كتابيه (الإعتقادات) و(من لا يحضره الفقيه) بالتثنية كما عليه المجتهدون. فالأشياء عنده إما حلال أو حرام، كما هو معتقد المجتهدين، مع أنه يعد لدى البحراني رئيس الإخباريين.

كما أن من الفوارق المذكورة هو أن الإستدلال بالكتاب والسنة هو من خاصة الإخباريين فقط، مع أن الخلاف حوله واقع بينهم، فمنهم المحدث الإسترابادي الذي صرح في (الفوائد المدنية) بعدم جواز العمل بشيء من ذلك إلا ما ورد تفسيره عن الأئمة، في حين اقتصر آخرون على العمل بمحكماته «وتعدى آخرون حتى كادوا أن يشاركوا الأئمة في تأويل متشابهاته»[19].

والملاحظ أن مفهوم العقل كما حدده البحراني في الخلاف بين الأصوليين والإخباريين لا يتعدى حدود البراءة العقلية والإستصحاب وما إليهما من أصول عملية. مع أن الأصوليين يختلفون عادة فيما يراد من الدليل العقلي، وعادة ما يُلحقون بذلك قضايا الحسن والقبح، لكن القدماء ركزوا على أصالة البراءة والإستصحاب لإرتباطهما المباشر بالأحكام الشرعية وعلاقتها بالتثنية والتثليث.

وظهر هناك موقف وسط استلهمه الفيض الكاشاني ومن قبله الشيخ حسن زين الدين العاملي، ومن ثم جاء الأصوليون وسلموا به منذ وحيد الدين البهبهاني (المتوفى سنة 1206هـ) إلى يومنا هذا، وذلك بعد الإلتفات إلى أن البراءة وغيرها من الأصول العقلية لا تحدد الحكم الشرعي ولا تكشف عنه بقطع أو بظن، بل ما يستفاد منها هو تحديد الوظيفة التي يمارسها المكلَّف اتجاه متعلقات الحكم الشرعي حين عدم وجدان الدليل[20]. وفي جميع الأحوال عُدت مثل هذه القضايا مندرجة ضمن ما يُعرف بالأصول العملية، وذلك على أثر الصراع الأصولي الإخباري.

وعليه حقق الإخباريون انتصارهم على الأصوليين في منع أن يكون العقل كاشفاً عن الحكم الشرعي، وظل الخلاف بينهما يدور حول الوظيفة العملية، فالمشهور لدى الإخباريين في القضايا المشكوكة هو العمل بالإحتياط، في حين إن الأصوليين يعملون بالبراءة والإستصحاب.

مع ذلك يلاحظ أن الإسترابادي اضطر أحياناً إلى العمل بالإستصحاب خلاف مبناه العام. ففي بعض تعليقاته عمل بهذا المبدأ واعتبره صحيحاً بدونه يقع الحرج والحيرة[21]. كذلك إن الشيخ البحراني اضطر أحياناً إلى أن يعمل خلاف ظاهر النص، فقد جاء في الخبر ما نصه: «ينظران - المتخاصمان - من كان منكم ممن روى حديثنا ونظر في حلانا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً»[22]. لكن البحراني اعترف بأن ظاهر النص يفيد العموم في العلم بالروايات والنظر ومعرفة الأحكام كلها، إلا أنه أدرك بأن الاطلاع على جميع الاخبار ومعرفة جميع الأحكام في الأزمان المتأخرة؛ هو من العسر والصعوبة بمكان، لذا استوحى أن يكون المراد خلاف الظاهر، وهو معرفة ما تيسر من ذلك بحسب الإمكان. وبهذا التبرير إستطاع أن يردّ على المحقق محمد باقر السبزواري صاحب (كفاية الأحكام) الذي ذهب إلى ظهور دلالة العموم في الخبر المشار إليه[23].


[1] المصدر نفسه، ج1، ص124ـ126 و131.

[2] بحوث في علم الأصول، ج5، ص10.

[3] الفوائد المدنية، ص138 و162.

[4] المصدر نفسه، ص241.

[5] المصدر نفسه، ص167.

[6] من هذه الأخبار ما جاء عن الإمام علي (ع) أنه قال: إن الله حدّ حدوداً فلا تعتدوها وفرض فرايض فلا تنقصوها وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسياناً فلا تتكلفوها رحمة من الله لكم فاقيلوها. ثم قال: حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان اترك، والمعاصي حمى الله فمن رتع حولها يوشك أن يدخلها. وفي حديث آخر عن الرسول (ص) أنه قال: الأمور ثلاثة: أمر تبين لك رشده فاتبعه، وامر تبين لك غيه فاجتنبه، وامر اختلف فيه فرده إلى الله. وفي حديث آخر عنه (ص) أنه قال: الأمور ثلاثة: حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجى من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم.. ثم قال: فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في المهلكات (يوسف البحراني: الدرر النجفية، مؤسسة آل البيت لاحياء التراث، ص28ـ29).

[7] الدرر النجفية، ص27.

[8] الحدائق الناضرة، ج1، ص44.

[9] لاحظ: عدة الأصول، ص296. والمفيد: شرح عقائد الصدوق، ص244، او: تصحيح الإعتقاد، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد (5)، ص143.

[10]      نجم الدين الحلي: المعتبر في شرح المختصر، مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ص6ـ7. وكذا في الحدائق الناضرة، ج1، ص45. والفيض الكاشاني: الأصول الأصيلة، تصحيح وتعليق مير جلال الدين الحسيني، سازمان چاب دانشگاه، ايران، 1390هـ، ص18.

[11]      الحدائق الناضرة، ج1، ص49.

[12]      الدرر النجفية، ص25.

[13]      الحدائق الناضرة، ج1، ص49ـ50. والدرر النجفية، ص26.

[14]      الحر العاملي: الفوائد الطوسية، المطبعة العلمية، قم، 1403هـ، ص205.

[15]      الدرر النجفية، ص34.

[16]      الأصول الأصيلة، ص70.

[17]      الأصول الأصيلة، ص74ـ75. وانظر أيضاً: الفوائد الطوسية، ص211.

[18]      حيث نقل عن شيخه المحدث عبد الله بن صالح البحراني أنه انهى الفوارق إلى ثلاثة وأربعين فرقاً (الحدائق الناضرة، ج1، ص167). وهناك من اعتبر الخلاف أكثر من ذلك كما هو الحال مع محمد بن فرج الله الدزفولي الذي ذكر في (فاروق الحق) أن الخلاف يصل إلى ست وثمانين مسألة (اغا بزرك الطهراني: الذريعة إلى تصانيف الشيعة، دار الاضواء، بيروت، 1403هـ ـ1983م، الطبعة الثالثة، 1403هـ ـ1983م، ج16، ص95).

[19]      الحدائق الناضرة، ج1، ص167ـ169.

[20]      بحوث في علم الأصول، ج5، ص10ـ11. والأصول الأصيلة، ص19ـ20.

[21]      الدرر النجفية، ص37.

[22]      وسائل الشيعة، ج18، ص99.

[23]      الدرر النجفية، ص47ـ48.

comments powered by Disqus