-
ع
+

الفلاسفة ونظرية التمثيل في فهم النص الديني

يحيى محمد 

سنعتمد في دراستنا للموقف التقليدي من العلاقة الكائنة بين القبليات الوجودية والنص الديني؛ على طرح أهم آراء الفلاسفة ذات الصلة بالموضوع. وسنختار لهذا الأمر مواقف كل من الإسماعيلية والفارابي وإبن سينا وإبن طفيل، وأخيراً إبن رشد الذي نحا منحى متقدماً بتخطيه النزعة التقليدية أحياناً، وان كان في أحيان أخرى لم يتجاوز مقالتها، لكن هذا الموقف المتذبذب لم يجعل مكانه وسطاً بين تلك النزعة والنزعة الجديدة التي نهجها الغزالي وصدر المتألهين، ولم يفكر في الأخيرة، انما كان له موقف متأرجح بين الرؤية الوجودية والعينة الدينية، فتارة يرجح الأولى على الثانية، وأخرى يفعل العكس، وكأنه يقدّم رجلاً ويؤخر أخرى، أو انه يضع إحداهما في اتجاه تلك الرؤية، والثانية في معاكستها.

أولاً: الإسماعيلية

من المعلوم ان للإسماعيلية عامة، ولإخوان الصفا الذين ينتمون إليها خاصة، ميلاً عظيماً للتفلسف والاتكاء على الباطن، فلهم في ذلك نسيج خاص في التحليل والتفسير لمختلف نواحي الوجود والشريعة، وهم من أبرز المذاهب وأقدمها في التأكيد على أهمية الباطن في فهم الحقائق، فامتداد هذا الميل يعود بهم إلى شخصية جابر بن حيان الكوفي (المتوفى سنة 220هـ)، فهو من اقدم الشخصيات الإسماعيلية التي وضعت خيوط المنهج الباطني لإستنباط حقائق الأشياء، مستعيناً في ذلك بالحروف والأسماء والأعداد[1]؛ لِما لها - عنده - من علاقة تكوينية مع الأشياء والموجودات الخارجية. وهي ذات الطريقة التي اتكأ عليها العرفاء – فيما بعد - وعلى رأسهم إبن عربي.

لقد تمسك اخوان الصفا بالفلسفة لتقويم النص الديني وتأويله، كما يجري الحال في تقويم الجوهر للعرض والباطن للظاهر والروح للجسم والصورة للمادة، فعبّروا عن ذلك بأبلغ تعبير وقالوا: ‹‹إن الشريعة قد دُنست بالجهالات واختلطت بالضلالات، ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلا بالفلسفة، لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية››[2]. فزعموا - كما نقل عنهم أبو حيان التوحيدي - انه متى انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة العربية فقد حصل الكمال[3]. لذا صنفوا خلال القرن الثالث أو الرابع الهجري خمسين رسالة بشتى مجالات الفلسفة والعلم والمعرفة الدينية، وأطلقوا عليها (رسائل اخوان الصفا)[4]. ووفقاً لهذا المنطق إعتبروا المعطيات الدينية خطابية اقناعية تفيد التمثيل والتشبيه دون الحقيقة، مما دعاهم إلى تبرير الممارسات التأويلية، من خلال اهمال الظاهر وتفعيل الباطن المتمثل عندهم بالقبليات الوجودية. وهي الفكرة التي سنرى كيف تكتمل صورتها عند المعلم الثاني ليتلقفها سائر الفلاسفة التقليديين من بعده.

فتبعاً لنظرية التمثيل والتشبيه عمل اخوان الصفا والكثير من رجال الإسماعيلية على تبرير عدد من الآراء الفلسفية، ومن ذلك اعتقاد الاخوان بعدم مصاحبة الجسد للنفس بعد الموت، فانكروا البعث الجسماني كغالبية الفلاسفة[5]. فبرأيهم ان غرض الأنبياء من وصف الجنان وصفاً جسمانياً قد جاء على سبيل التشبيه لتقريب تصويرها للناس وترغيبهم بها، إذ عامة الناس لا يرغبون إلا بما هو جسم محسوس[6]. وهذا ما دعاهم إلى القول بالنعيم والعذاب النفسي دون غيره[7]. بل أكثر من هذا انهم إعتبروا جهنم التي تلقاها النفس الجاهلة الآثمة انما تلقاها في هذه الدنيا وفي نفس الجسد الملتبسة به من دون ان تعود إلى عالم الآخرة، وذلك ما لم يتم تطهيرها لتتم عودتها ومفارقتها الكلية للعالم ومن ثم رجوعها إلى الحق تعالى قبلة الأديان وغايتها جميعاً. وكل ذلك يعد من التأويل للنصوص الدينية.

 

ثانياً: الفارابي

تمتاز نظرية الفارابي بأنها تعطي الصورة النهائية لخيوط الفكرة التقليدية في علاقة الفلسفة بالنص. فرغم ان هذه الفكرة كانت واضحة لدى الإسماعيلية واخوان الصفا، لكنها لم تكن كاملة الخيوط والمرامي مثلما هو الحال عند الفارابي، كما ان كل من جاء بعده لم يضف إلى ما قدمه هذا المعلم شيئاً جديداً. هكذا استمر الحال حتى حلت العلاقة الجديدة محل الأولى؛ منذ الغزالي كخطوة أولى، ثم اكتمالها عند صدر الحكماء الشيرازي.

يفرق الفارابي بين وحي النص وعقل الفلسفة من جهة التمييز بين التمثيل الذي يفيد الاقناع، والبرهان الذي يفيد اليقين. فبنظره ان النص ليس مصدراً للبراهين، انما وظيفته اتباع ما عليه الفلسفة ذات البراهين اليقينة، بمحاكاتها بالمثالات، فيكون التصديق بالنص تصديقاً اقناعياً لا يبلغ مرتبة اليقين، على عكس الفلسفة التي تدل على اليقين والحقيقة كما هي، من غير تمثيل ولا محاكاة ولا تقليد. فمع ان النص عنده يعالج نفس الموضوعات التي تعالجها الفلسفة، لكن الفارق بينهما هو محاكاة الأول للثانية التي تتقدم عليه زماناً، فكل ما يعقل ذاته وتعرف حقيقته باليقين والبرهان يأتي النص ليعبّر عن هذا المدلول بتخييل مثاله كي يحاكي ذلك الشيء، وبالتالي فإن للنص وظيفة تابعة واقناعية، فهو لا يستبطن إدراك نفس الشيء وحقيقته بل إدراك مثاله[8].

هذا هو الفارق بين ما هو فلسفة وما هو نص. وهذا هو منطق الظاهر والباطن، فليس لظاهر النص غير دلالة التمثيل والتخييل والاقناع، أما باطنه فيقتضي التفتيش عن دلالته عبر منطق الفلسفة وبرهانها، أي عبر القبليات الوجودية وأصلها المولّد.

وهذه هي الفلسفة التي تسبق النص زماناً، فتقتضي تقدم الفلاسفة على الأنبياء. وهي نفسها التي تحتل صدارة التقويم للدلالة النصية، كتقويم الباطن للظاهر. وهو ما يبرر تفوق الفلسفة على النبوة في الكشف عن الحقيقة، لاتصالها بالعقل الفعال، أما النبوة فليس لها من وظيفة سوى محاكاة الأولى ببلوغ مرتبة تمثيل اليقين بالخيال المفيد للاقناع. فلقد جعل الفارابي الفلسفة تتقوم بقوة العقل القدسية، والنبوة بقوة التخيل التي تتصف بمحاكاتها للأولى. وبالتالي فمثلما يكتسب الفيلسوف معقولاته ويعبّر عنها تعبيره المجرد الثابت، فإن النبي يقوم بتخيل ذلك ويعبّر عنه بالامثال والرموز. من هنا كان التأويل عملاً منطقياً لا مناص منه، إذ كيف يمكن تحديد الدلالة النصية إذا لم يتمكن الظاهر من الكشف عنها؟! بخلاف البرهان الفلسفي المتمكن من تحديد المعنى القابع خلف هذا الظاهر.

ان من دلالات التمييز بين البرهان الفلسفي والاقناع الشرعي، أو بين الفيلسوف والنبي، اعتراف الفارابي بأن الشرائع ليس لها ما لأرسطو وقبله افلاطون ومن سلك سبيلهما في القول بابداع العالم وإثبات الصانع، فعدّهم بذلك منقذين للناس من الحيرة واللبس حين كشفوا عن أمر الابداع بحجج واضحة مقنعة تدل على ايجاد الأشياء من لا شيء، فالعالم مبدع من غير شيء، كما ان مآله غير شيء أيضاً. في حين إعتبر علماء الشريعة ممن يقولون بقِدم العالم لا حدوثه، بدلالة ما تحدثوا عنه بأن الأصل كان ماءً فتحرك واجتمع زبد وانعقدت منه الأرض وارتفع عنه الدخان وتكونت السماء، فضلاً عما ذكره اليهود والمجوس وسائر الأمم الأخرى في شأن الاستحالات والتغايرات التي هي أضداد الابداع[9].

وواقع الأمر ان الابداع الذي تحدث عنه الفارابي ليس بالصورة التي قد نظنها. فهو من القائلين بنظرية الفيض، والمعتمدين على اثولوجيا افلوطين للتوفيق بين أرسطو وافلاطون في مسألة الخلق وبعض المسائل الأخرى. فالحدوث الذي ذكره انما هو الحدوث الذاتي فيما يتعلق بالأفلاك وما شاكلها، أما من حيث الزمان فلا تعد عنده حادثة، وكذا الحال مع الأمور الكونية، فهي حادثة من حيث الأفراد لا النوع. وعلى هذه الشاكلة كان اخوان الصفا أو الإسماعيليون، حيث يقولون بخلق العالم وابداعه وانه كائن بعد إن لم يكن، فهو حادث لا قديم[10]. مع انهم يعترفون بالسنخية بين العلة والمعلول، ومن ذلك السنخية بين المبدأ الأول ومعلولاته، إذ إعتبروا كغيرهم من الفلاسفة ان العقل هو فعل الله تعالى بذاته وجعلوه مثاله لأنه معلول العلة الأولى[11].

كما ان من دلالات التفرقة بين البرهان الفلسفي والاقناع الشرعي، انكار الفارابي للمعاد الجسماني وقوله بمفارقة النفس للبدن، دون عودة إليه ولا إلى بدن آخر، مثلما لا يكون لبدن واحد نفسان[12]. وهو الرأي الذي ساد لدى جمهور الفلاسفة واتباع المشائين.

لكن مع كل ما سبق نجد للفارابي بعض الخروقات لمبدأ التبعية الذي التزم به، وهو المبدأ الذي يجعل من النص الديني تابعاً للبرهان الفلسفي بإعتباره لا يفيد التحقيق واليقين. فهو أحياناً يسلّم للأقاويل الشرعية رغم انها لا تتسق مع القبليات الوجودية، ومن ذلك انه خالف التقليد الفلسفي في الموقف من العلم الإلهي بالجزئيات، معولاً في ذلك على الآية الكريمة: ((لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض))[13]، إذ إعتبر عناية الله تعالى لا تفوّت شيئاً من أجزاء العالم، فهي شاملة لجميع الجزئيات، وكل شيء في العالم موضوع بأوفق المواضع واتقنها.. منتهياً إلى الإقرار بأن الأقاويل الشرعية في هذا الخصوص صحيحة وعلى غاية السداد[14]. وبالتالي أصبح النسق الفارابي مقلوباً رأساً على عقب، إذ اضحى النص أداة البرهان والوصول إلى اليقين بعد ان كان أداة الخيال والتمثيل، وعلى العكس تحولت الفلسفة إلى الظنون والخيالات بعد ان كان بيدها مفتاح البرهان واليقين، فشتان بين اليوم والبارحة!

 

ثالثاً: إبن سينا

ولو انتقلنا إلى إبن سينا فسنرى انه الآخر آل كشيخه الفارابي إلى إعتبار القبليات الوجودية طريقاً فريداً للمعرفة البرهانية، فليس للعينة الدينية وظيفة إلا الخطابة التي تفيد اقناع العوام من الناس. فقد ذكر في رسالته المسماة (الأضحوية في أمر المعاد) ان في الشرع قانوناً واحداً يرام به خطاب الجمهور واقناعه بصورة التمثيل والتشبيه الخيالي، ولا تدرك حقيقة الأمر إلا بالفلسفة وبراهينها العقلية، فهي الحجة دون الشرع. لكن مع هذا أكد بأن ما يقوم به الشرع من وظيفة اقناعية يعد مما لا غنى عنه لتقريب المعنى إلى مدارك الناس الضعيفة. فبهذا المنطق أخذ يبرر مقالة نفي المعاد الجسماني، معتبراً ان ما ذكره القرآن الكريم حول ذلك ما هو إلا تشبيهات وتمثيلات لا يستفاد منها حجة ولا حقيقة ولا تفصيلاً. بل رأى ان على النبي ان يقرر وجه المعاد بالشكل الذي يتصوره الناس وتسكن إليه نفوسهم، فيضرب للسعادة والشقاوة امثالاً وتشبيهات يفهمونها ويتصورونها[15]. فلا بد - إذاً - من حمل النصوص والايات على المجاز خلاف الظاهر، ومن ثم تأويلها بالكشف عن الباطن وفق معيار القبليات الوجودية.

وقد اشتهر إبن سينا بثلاثة اعتقادات أُتهم فيها بالخروج عن الإسلام رغم ان الفارابي قد سبقه إليها، وهي: انكاره للمعاد الجسماني ونفيه للعلم الإلهي الجزئي وقوله بقِدم العالم. فعلى هذه المسائل الثلاث اشتهرت قضية تكفير الفلاسفة من قبل الغزالي[16]. كما انها كانت من بين المؤاخذات التي أوردها صدر الحكماء على من سبقه من جمهور الفلاسفة المشائين، كالذي مرّ علينا بحثها متفرقاً.

 

رابعاً: إبن طفيل

ولو تحولنا إلى فيلسوف آخر كإبن طفيل فسنجد انه كسائر الفلاسفة يعول على الأخذ بنظرية المثال والتشبيه، وهو كغيره يعتبر الفيلسوف يعلم ما يعلمه النبي، لكن النبي يتكلم بالأمثال ليقرّب المطلوب إلى الأفهام العامة، بينما ينقل الفيلسوف الحقيقة كما هي صراحة من دون تغليف ولا تلبيس[17]. هذا هو ما آلت إليه حكايته الإشراقية (حي بن يقظان) والتي اتبع فيها المسلك الذي سار عليه الفلاسفة قبله وعلى رأسهم الشيخ الرئيس. فالقصة تؤكد بأن الحقيقة تظهر مباشرة لأصحاب الكشف والمشاهدة من العرفاء عبر الذوق القلبي، مثلما تؤكد بأن أصحاب الفلسفة والعقل الكسبي يصلون إلى المعطى المعرفي أو المفهومي عينه الذي يصل إليه أهل الكشف، في حين إنها تنظر إلى رجال الدين بأنهم الجمهور العام الذين تستهويهم الحجج الخطابية والإقناعية. فهم ليسوا من أصحاب البرهان ولا من أهل العرفان، بل نفوسهم غير مستعدة لأن تتقبل سوى تلك الحجج، وهي ما تقدمه لهم العينة الدينية من الظواهر التي يحتجّون بها، وهذا ما أدركه بطل القصة (حي بن يقظان) بفطنته، فعلم به وجه الحكمة في كون العينة الدينية ليست مصدراً للبرهان والحقيقة، بل هي مصدر التمثيل والرمز. وهو جوهر ما يؤكد عليه إبن سينا كما في رسالة (أضحوية في أمر المعاد)، ومن قبله الفارابي، بل وقبلهما الكثير من الإسماعيلية. فهم جميعاً يعتقدون بأن العينة الدينية هي مصدر التمثيل والرمز لا البرهان والحقيقة، وأن وظيفتها هي لأجل مخاطبة الجمهور واقناعهم، طالما ان نفـوسهم لا تتعقل الحـقيقة والـبرهان.

هكذا فإن أهمية هذه الحكاية هي انها تعكس التصورات التي يريدها الإشراقيون، إذ يرون وحدة الحقيقة لدى كل من الفلاسفة والعرفاء، فالفلاسفة بعقولهم ومفاهيمهم النظرية، والعرفاء بمشاهداتهم وكشوفهم الذوقية. أي الحقيقة التي يصل إليها الفلاسفة عبر الاستدلالات والبراهين المعرفية التي تعتمد على التعليم الكسبي من الصنعة والمقدمات المنطقية، وكذا الحقيقة التي يتذوقها أهل الكشف والمشاهدة بفعل زهدهم عن الدنيا وممارسة الرياضات الروحية والتأملات الوجدانية الخاصة.

كما تؤكد الحكاية أيضاً على طبيعة العلاقة التي ينبغي ان تكون بين الحقيقة التي يصلها كل من أصحاب الفلسفة والمشاهدة من جهة، وبين المعطيات الدينية من جهة ثانية، تبعاً لنظرية المثال والممثول، والأخذ بالباطن وحمل الظاهر على التشبيه والتمثيل. وبالتالي التفريق بين ظاهر العينة الدينية وباطنها، فالأول يدركه الجمهور، والثاني يدركه الخواص من أصحاب التأمل الفلسفي وأرباب المشاهدات الروحية. وان هناك حكمة في عدم اظهار الحقائق لعموم الناس عبر التنزيل الديني، وهو أمر يفهمه أصحاب الكشف والمشاهدة اعتماداً على القابليات الضعيفة لأفهام أغلب الناس بمن فيهم رجال الدين والفقهاء، وانه لا يسعهم غير ما وسعهم، وكل ميسر لما خلق له مثلما جاء في الحديث النبوي. وبالتالي كان يجب على أصحاب التأمل وأهل المشاهدة ستر الحقائق عن هؤلاء الناس ومعاملتهم بالرفق واظهار انهم يرون من الاعتقادات مثل ما يراه هؤلاء، ومن ثم الضن بالحقائق والأسرار على الذين هم من غير أهلها. فأغلب الناس ينتفعون من التنزيل الديني في سلوكهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم، وهذه الوظيفة تسد حاجاتهم الفعلية وتكفيهم، رغم انهم بعيدون عن إدراك الحقائق الدينية، فهي لا تنكشف إلا لذينك الصنفين من الرجال: الفلاسفة والعرفاء. فهؤلاء هم وحدهم من يفهم سر ما يجري عليهم وعلى غيرهم من العباد، أما رجال الدين فليس لهم من الأمر سوى القشر والظاهر[18].

وبحسب هذه المفاهيم كان من الطبيعي ان يوافق إبن طفيل الفلاسفة على القول بنفي المعاد الجسماني[19]، وهو رغم تردده في قضية قِدم العالم أو حدوثه من حيث وجود ما يعترض كل منهما من الشبهات، إلا انه كان ينتهي أحياناً إلى نتيجة كشفية ذوقية لا تتعلق بالشبهات العارضة، وهي ان العالم قديم كله بسماواته وأرضه وكواكبه بما فيها وما تحتها وما فوقها وما بينها، فكلها قديمة زماناً وان كانت حادثة ذاتاً[20]. وقد أشار أحياناً إلى ان العالم الإلهي وإن كان مستغنياً عن العالم الحسي التابع له كالظل للشخص، إلا انه رغم ذلك يستحيل ان يطرأ على وجود هذا العالم الحسي عدم بجملته، استناداً إلى هذه التبعية[21]. مما يعني انه لا بد ان يكون قديماً كالعالم الإلهي، قدماً بقدم.

خامساً: إبن رشد

لا أشك في ان إبن رشد يمثل في حد ذاته نسيجاً ملوناً وطرازاً خاصاً قد يصعب ان نجد له شبيهاً بين الفلاسفة. وهو وإن أظهر نوعاً من التردد إزاء ما تبناه الفلاسفة السابقون حول طبيعة المبدأ الذي يحكم العلاقة بين العينة الدينية والقبليات الوجودية، إلا انه رغم هذا كان منساقاً إلى الاتجاه التقليدي الذي يمثله خط الفارابيين، حيث التسليم بقاعدة ‹‹ما في الدين مثالات لما في الفلسفة››.

فعلى رأي إبن رشد ان من الحقائق ما هو خفي يستوجب علمه بالبرهان، وهو أمر لا يطيقه عامة الناس، لذلك ضرب الله لهم أمثال تلك الحقائق واشباهها، ومن ثم دعاهم إلى التصديق بها، وعليه كان لا بد ان يكون في النص ما هو ظاهر وباطن، وفي الناس ما هو عامة وخاصة، فالظاهر هو تلك الأمثال المقربة للمعاني الباطنة إلى أذهان العامة من الناس. أما الباطن فهو هذه المعاني التي لا تنجلي إلا لأهل البرهان من خاصة الناس[22]. وهذا ما دعاه إلى ممارسة التأويل الذي صنّفه إلى أربعة أشكال جميعها يقوم على نظرية (التمثيل)، معتبراً أن بعضها مما لا يجوز التصريح بتأويله لغير الراسخين في العلم، وهم الفلاسفة[23].

مع ذلك ينفي إبن رشد وجود تضاد بين البرهان الفلسفي والنص الديني، فكلاهما حق، ولا بد أن يشهد أحدهما للآخر[24]، وكما يقول: ‹‹إن الحكمة هي صاحبة الشريعة والأُخت الرضيعة.. وهما الـمصطحبتان بالجوهر والغريزة››[25]. وعنده ان الشرائع مأخوذة من (الوحي والعقل)، فكل ‹‹شريعة كانت بالوحي فالعقل يخالطها، ومن سلّم أنه يمكن أن تكون ههنا شريعة بالعقل فقط فإنه يلزم ضرورة أن تكون أنقص من الـشرائع التي استنـبطت بالـعقل والـوحي››[26]. وعليه إعتبر انه لا بد ان يكون كل نبي فيلسوفاً من دون عكس[27]. وهو ما يبرر القـيمومة الفـلسفية على النص الديني. وفعلاً ان الفلاسفة – بحسب رأيه - هم القيّمون الحقيقيون على هذا النص، لهذا يصفهم بأنهم ‹‹الذين قيل فيهم إنهم ورثة الأنبياء››[28]. وهذا ما يستوجب الإقرار بضرورة تأويل الـنص عند معارضته للـبرهان الفلسفي[29]. وهي العملية التي رآها من اختصاص الفلاسفة دون غيرهم من أهل الكلام والحشوية والباطنية[30]، بإعتبارهم أصحاب القياس البرهاني من بين أشكاله الثلاثة، أحدها يفيد أهل الكلام، وهو الجدل، والآخر هو الخطابة التي إعتبرها من شأن الجمهور الغالب[31].

ورغم ان إبن رشد أقرّ في (تهافت التهافت) بوجود أمور في الشريعة يستحيل على البرهان العقلي ان ينالها، فلا طريق لإدراكها سوى الوحي والنبوة؛ كالادعية والصلوات والقرابين وغير ذلك مما لا يعرف إلا بالنص، إلا انه في كتاب (فصل المقال) أعطى القدرة التامة للعقل في معرقة كافة مكنونات الشرع من الحقائق والتعاليم، بما فيها الرموز والأمثال المقربة لأفهام الجمهور، حيث يدركها عقل الفيلسوف خالصة بالحقائق الخفية الباطنة والموقوفة على أهل البرهان خاصة[32]. الأمر الذي أدى به أحياناً إلى تجاوز ما قد تبناه من الرأي الأرسطي، كالحال مع قضية المعاد النفساني وحشر الأجساد، مثلما سبق عرضها. فقد تبنى القول بالمعاد النفساني كما لجأ إليه الفارابيان، وإعتبر الشرائع قد اختلفت في كيفية ذكر أحوال هذا المعاد بين التصريح والتلويح والتمثيل بالأُمور المشاهدة الحسية، وكل ذلك بنظره يرجع إلى تفاوت الوحي. لكنه فسّر علة التمثيل بالأُمور الحسية ‹‹إما لأن أصحاب هذه الشرائع أدركوا من هذه الأحوال بالوحي ما لم يدركها أولئك الذين مثّلوا بالوحي الروحاني، وإما لأنهم رأوا أن التمثيل بالمحسوسات هو أشد تفهيماً للجمهور، والجمهور إليها وعنها أشد تحركاً.. وهذه هي حال شريعتنا التي هي الإسلام، في تمثيل هذه الحال››.

هكذا فهو يقرر بأن التمثيل الحسي في شريعتنا جاء لكونه أتم افهاماً لعوام الناس واكثر تحريكاً لنفوسهم اتجاه ما يرد في العالم الآخر أو الغيب، خلافاً للتمثيل الروحي الذي هو أقل تحريكاً لنفوس الجمهور إلى ذلك العالم. فالتمثيل بالأمور الحسية هو أفضل للجمهور من الكشف الصريح عن الحقيقة، لذا فإن القرآن لحرصه على مصلحة البشر قد مثّل على السعادة والشقاوة بالامور الحسية لتقريبها من أفهام الجمهور[33]. وبالتالي حكم إبن رشد بضرورة تأويل ظاهر الأوصاف الواردة في النص الديني طبقاً لبراهين العقل الفلسفي[34].

على ان لإبن رشد جوانب أخرى يقترب فيها من ظواهر النصوص الدينية، كالذي يظهر في كتابه (الكشف عن مناهج الأدلة). وكدلالة على ذلك حكمه بضرورة تمسك كل من الفيلسوف والمتكلم والرجل العادي بجملة من حقائق الدين الأساسية كالآتي:

 1ـ وجود الله تعالى كصانع ومدبر للعالم، إذ إعتبر ان أوفى البراهين عليه هما دليلا الاختراع والعناية اللذان نبه عليهما القرآن الكريم في كثير من آياته التي تتعلق بدقة الخلق وغايته.

 2ـ الوحدانية التي دلّت عليها الآيات الثلاث: ((لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا))[35].. ((ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض))[36].. ((قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذاً لابتغى إلى ذي العرش سبيلاً))[37].. وقد إعتبر إبن رشد هذه الآيات أساس جميع الأدلة الفلسفية على التوحيد.

 3ـ صفات الكمال السبع المسندة إلى الله تعالى بالنص القرآني (العلم والحياة والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام)، والتي حاول إبن رشد إثباتها بطريقة الاستنتاجات المنطقية اعتماداً على صفة العلم، وكون العلم يُعرف من خلال الدقة الموجودة في المصنوع. والعلم يقتضي الحياة، حيث لا علم بلا حياة، وان الإرادة والقدرة تثبتان من خلال وجود الفاعل العالم، وان السمع والبصر مؤولان عنده إلى صفة العلم بمدركات هاتين الصفتين، وان الكلام يثبت من قيام صفة العلم وصفة القدرة على الاختراع، حيث الكلام ليس أكثر من ان يفعل المتكلم فعلاً ليدل به المخاطَبَ على العلم الذي في نفسه. لكن البتّ في كيفية هذه الصفات غير ممكن، وهذا ما جعله متحفظاً غير منحاز، لا إلى المتكلمين ولا إلى الفلاسفة[38]. بل انه نقد كلاً من الأشاعرة والمعتزلة حول تحديد الصفات ان كانت زائدة أو متحدة مع الذات، واتخذ موقفاً محتاطاً يتفق مع دلالات النص الديني، فلم يقرر شيئاً بكيفية الاتصاف، وإعتبرها من الأمور الخارجة عن احاطة الإدراك البشري، لذلك نصح الجمهور بالتمسك في الاعتقاد بوجودها كما وردت عن الوحي من دون تفصيل[39].

ومن دلالات الاحتياط الشرعي لإبن رشد، حياده عن ابداء أي نظر إزاء صفة الله الجسمية، فلم يصرح حولها بنفي ولا بإثبات، لكنه ذكر بأنه نور تبعاً لما جاء في آية النور، وما جاء في بعض الأحاديث كما في صحيح مسلم (ان لله حجاباً من نور، لو كُشف لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره)[40]، وإعتبر التمثيل بالنور شديد المناسبة للخالق، لأن فيه تجتمع خصلتان مناسبتان، إحداهما انه محسوس تعجز الأبصار والأفهام عن إدراكه، والأخرى انه ليس بجسم[41].

بل رغم ميله إلى نفي الرؤية والجسمية بحسب موقفه السابق، إلا انه طبقاً لظواهر بعض الآيات صرح بثبوت نسبة الجهة إليه، مع ما رآه من العسر في تفهيم هذا المعنى الذي يفكك بين الجسمية والجهة، إذ ليس في الشاهد مثال عليه، وقد استند في ذلك إلى جملة من النصوص القرآنية كما في قوله تعالى: ((ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية))[42]، وقوله: ((يدبر الأمر من السماء إلى الارض، ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون))[43]، وقوله أيضاً: ((أأمنتم من في السماوات ان يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور))[44]. وبذلك فإنه خالف جميع الفلاسفة، كما خالف تأويلات المعتزلة، وحمل الكثير من آيات الصفات على ظواهرها، ومن ذلك انه إعتبر إثبات الجهة واجباً بالشرع والعقل معاً، وان ابطالها هو ابطال للشرائع كافة[45].

والملاحظ في جميع المسائل الآنفة الذكر ان إبن رشد لم يلتزم طريقه كفيلسوف يضع القبليات الوجودية في محل الصدارة لتقويم النص الديني وتأويله كما كان يعلن في السابق. ولا شك ان استلهامه المعنى الشرعي لظواهر النص الديني وعدم الوقوف عند حدود ما يفرضه العقل القبلي من إعتبارات؛ يمثل أصالة لا نجدها لدى غيره من الفلاسفة الذين سبقوه. وربما لهذا الانفتاح يميل البعض إلى إعتباره ممثلاً للإسلام الحقيقي، مع انه بنظر بعض آخر متهم بالإلحاد، كما ذهب إلى ذلك دي بور، لاعتقاده بثلاث نظريات فلسفية، هي:

 1ـ قوله بقِدم العالم المادي والعقول المحركة له.

 2ـ قوله بحتمية الارتباط بين العلة والمعلول في علاقات الكون من غير ان يترك مجالاً للعناية الإلهية والمعجزات ونحوها.

 3ـ قوله بفناء جميع الجزئيات، مما يجعل الخلود الفردي غير ممكن[46].

فشتان بين هذا الاتهام وذاك التقدير، وما أبلغه من تناقض ان دل على شيء فانما يدل على حالة التأرجح التي هي سمة هذا الفيلسوف الألمعي.

وقد يكون لصدر المتألهين شبه بإبن رشد، لا فقط من حيث موقف الآخرين إزاء ما يمثله انتماؤه الديني، حيث يجعله الكثير في مصاف القديسين وانه يعطي الرؤية الإسلامية الحقة، وبالتالي فهو يمثل الإسلام الحقيقي، في حين يذهب بعض آخر إلى انه غنوصي باطني غير ملتزم بالعقيدة الدينية وعلى رأسها مسألة التوحيد[47].. بل أيضاً من جهة ما يشتركان به من تشابهات عديدة دون ان تمحي الطراز الخاص لكل منهما. فكلاهما له محاولات مخلصة للجمع بين العينتين الوجودية والدينية، وكلاهما قائل بوحدة الوجود، كذلك إتحاد العاقل بالمعقول وإتحاد النفوس ورجوعها إلى الإتحاد بالعقل الفعال، مع بعض الاختلاف.

كذلك فإنه لا يوجد غيرهما - من الفلاسفة - من يقر بوجود الكثرة الاجمالية في وحدة الذات وتفسير العلم الإلهي على أساسها. إضافة إلى ما سبق ذكره حول نظرية الفيض والصدور، وكيف انهما اتفقا على كون العالم جملة واحدة قد صدر عن الواحد الحق، وبالتالي فإن الصادر عندهما هو الواحد الكثير، وان هذا الصادر له قوة روحية تمسك بأجزاء الموجودات الممكنة كلها والتي بفعلها ظهر وجودها. وكما أشرنا في كتاب (نُظم التراث) ان هذه القوة تسري في الكل سرياناً واحداً، وانها على وحدتها تتنوع بحسب ما عليه طبائع الموجودات، فتكون في القديم قديماً وفي الحادث حادثاً وفي العقل عقلاً وفي الجسم جسماً، وأنه مفارق مع كل مفارق، وملابس للمادة مع كل مادة، فهو مفارق وملابس؛ كل بحسب رتبته الخاصة في سلسلة الوجود، ولولا حضوره فيها بنحو ما من الانحاء ما كان لها من أثر ولا وجود. فهذه القوة السارية التي أكد عليها إبن رشد[48]؛ هي ذاتها التي تحدث عنها صدر المتألهين كوجود منبسط يطلق عليه العقل الأول والحق المخلوق به، فهو كل شيء يتعلق بحياة العالم أجمع، إذ يسري فيه سريان النفس في الجسد، مع الأخذ بعين الإعتبار الإختلاف الحاصل بين تنزلات الوجود ومراتبه[49].

كذلك فإن الوجود هو واحد لدى كلا الفيلسوفين، لكنه متعدد الرتب، حيث للشيء الواحد أطوار ومراتب من الوجود بعضها أشرف من البعض الآخر، كما هو معلوم من أمر النفس من حيث تكاثر أطوارها مع أنها شيء واحد. ومن ذلك ما يظهر في اللون من مراتب وجودية في المادة والحس والخيال والعقل وأخيراً في ذات الحق وهو أشرفها جميعاً[50]. فمثل هذه المراتب للون التي تحدث عنها إبن رشد هي ذاتها تشابه ما تحدث عنه صدر المتألهين في مراتب النور، والتي يمكن من خلالها تبرير نظرية المشاكلة الجديدة في علاقة القبليات الوجودية مع العينة الدينية. كذلك فإن إبن رشد يصل من خلال هذه الرتب، المتفاوتة في الكمال للموجود الواحد، إلى ذات ما يصل إليه رؤساء الصوفية - ومن بعدهم صدر المتألهين - من ان المبدأ الأول هو الموجودات كلها، وهو معنى قولهم (لا هو إلا هو)، معتبراً ان هذا الاعتقاد هو من علم الراسخين في العلم الذي ينبغي أن يضن به على كل من هو ليس من أهله[51].

ذلك هو الأثر العظيم الذي خلفه إبن رشد ومن سبقه من الفلاسفة لأحفادهم المتأخرين من أمثال صدر المتألهين، فهل يبقى بعد ذلك من يقول بذهاب الفلسفة مع رحيل إبن رشد؟!

ومع هذه التشابهات، فإن ما حاوله إبن رشد في تنازلاته الفلسفية للدفاع عن الوحي أحياناً، وكذلك تنازلاته الدينية للدفاع عن الفلسفة أحياناً أخرى، جعلت منه نسيجاً ملوناً يختلف نوعاً عن الطراز الخاص لصدر الحكماء الذي حاول الجمع بين القطبين بكل ما يملك من وسيلة، ظناً منه انه بذلك يوفق بين العينتين، الأمر الذي أدى به إلى التلفيق والترقيع من دون اكتراث بما يحملانه من خصومة وتضاد. وهو وإن كان قد ذم في بعض المواقف كلاً من التفلسف والتصوف، لكنه لا يقصد بذلك إلا الطرق التي لا تنهج طريقه في التوفيق بين العينتين الحكمة والشريعة، ولا تنسج نسيجه في تطريز الجمع بينهما. وهو بخلاف إبن رشد إذ أراد ان يقدم الكتاب والسنة على التفلسف، فكانت شريعته عبارة عن فلسفة، وفلسفته عبارة عن شريعة. لكن من حيث التحليل انه حاول ان يجعل من العينة الدينية متفقة مع القبليات الوجودية لا العكس. وقد اقتضاه الأمر ان يحوّر بعض مضامين هذه القبليات التي ورثها عن المتقدمين ليجعلها أكثر طوعاً ومرونة في جمعها مع العينة الدينية. مع هذا ظلّ الثابت لديه هو الروح الوجودية وأصلها المولّد. في حين لم يحوّر إبن رشد قبلياته الوجودية عندما يستند إلى العينة الدينية المعارضة، فهو إما ان يعمل على تأويل هذه العينة لصالح تلك القبليات، أو يأخذ بهما كأمرين متوازيين بلا نقطة مشتركة تجمع بينهما. لكنه في الغالب ينحو باتجاه القبليات الوجودية وأصلها المولّد. وبالتالي فإن هذه الطريقة لا تسعى إلى ايجاد نزعة وسطية توفيقية بين العينتين، خلافاً لطريقة صدر المتألهين، رغم ما تورطت به من صور التلفيق التي لاحت حتى تلك التي أراد لها ان تكون توفيقية وسطية.


[1]     فلاسفة الشيعة، مصدر سابق، ص184-231. كذلك: جابر بن حيان، مصدر سابق، ص119-139.

[2]     الامتاع والمؤانسة، مصدر سابق، ص5.

[3]     الامتاع والمؤانسة، ص5.

[4]     يُذكر انه عندما عرضت رسائل اخوان الصفا على الشيخ أبي سليمان المنطقي السجستاني وطلب رأيه فيها؛ قال: ‹‹انهم تعبوا وما اغنوا، ونصبوا وما أجدوا، وحاموا وما وردوا، وغنّوا وما اطربوا، ونسجوا فهلهلوا، ومشطوا ففلفلوا، ظنوا ما لا يكون ولا يمكن ولا يستطاع، ظنوا انهم يمكنهم ان يدسوا الفلسفة في الشريعة، وان يضموا الشريعة للفلسفة. وهذا مرام دونه حدد..›› (الامتاع والمؤانسة، ص6).

[5]     رسائل اخوان الصفا، طبعة دار صادر ـ دار بيروت، 1957م، ج3، ص301-307، وج 1، ص260.

[6]     رسائل اخوان الصفا، طبعة منشورات عويدات، ج3، ص63-64.

[7]     رسائل اخوان الصفا، المصدر السابق، ج3، ص79-80.

[8]     الفارابي: رسالة تحصيل السعادة، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن، 1345هـ، ص40.

[9]     الفارابي: الجمع بين رأيي الحكيمين، تقديم وتحقيق البير نصري نادر، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1960م، ص12-13.

[10]    شهاب الدين أبو فراس: رسالة مطالع الشموس في معرفة النفوس، ضمن أربع رسائل إسماعيلية، مقدمة وتحقيق عارف تامر، دار الكشاف، بيروت، الطبعة الأولى، 1953م، ص38. ورسائل الاخوان، ج3، ص452-456.

[11]    رسائل اخوان الصفا، طبعة دار صادر، ج4، ص206-207.

[12]    رسالة الدعاوي القلبية، من رسائل الفارابي، ص10.

[13]    سبأ/ 3.

[14]    الجمع بين رأيي الحكيمين، ص13.

[15]    يقول إبن سينا: ‹‹فظاهر من هذا كله ان الشرائع واردة لخطاب الجمهور بما يفهمونه، مقرباً ما لا يفهمونه إلى افهامهم، بالتشبيه والتمثيل. ولو كان غير ذلك لما اغنت الشرائع البتة. وكيف يكون ظاهر الشرع حجة في هذا الباب، ولو فرضنا الأمور الأخروية روحانية بعيدة عن إدراك بداية الأذهان لحقيقتها لم يكن سبيل الشرائع في الدعوة إليها والتحذير عنها، منبهاً بالدلالة عليها، بل بالتعبير عنها بوجوه من التمثيلات المقربة إلى الأفهام، فكيف يكون وجود شيء حجة على وجود شيء آخر، ولو لم يكن الشيء الآخر، على الحالة المفروضة، لكان الشيء الأول على حالته›› (أضحوية في أمر المعاد، ص50 وما بعدها. والمبدأ والمعاد لصدر المتألهين، ص423-424).

[16]    تهافت الفلاسفة، ص307-308. والمنقذ من الضلال، ضمن مجموعة رسائل الامام الغزالي (7)، ص42.

[17]    إبن طفيل: رسالة حي إبن يقظان، طبعة دار الافاق الجديدة، ص76-77.

[18]    حي بن يقظان، ص76-77.

[19]    حي بن يقظان، ص48-49 و74.

[20]    لاحظ الرسالة السابقة، ص44-45.

[21]    حي بن يقظان، ص70.

[22]    فصل المقال، المطبعة الكاثوليكية، ص3 وما بعدها.

[23]    الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة، ص249-252.

[24]    فصل المقال، ص35.

[25]    فصل المقال، ص58. وعلى شاكلة هذا النص، قول (ابو زيد البلخي): ان الفلسفة مقاودة ـ مساوقة ـ للشريعة، والشريعة مشاكلة للفلسفة، وان احداهما ام والأخرى ظئر (الامتاع والمؤانسة، ج2، ص15).

[26]    تهافت التهافت، ص584.

[27]    المصدر السابق، ص583.

[28]    المصدر السابق، ص584.

[29]    فصل المقال، ص35.

[30]    المصدر السابق، ص45 و52-53. والكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة، ص133-134.

[31]    المصدر السابق، ص52-53.

[32]    المصدر السابق، ص45-46.

[33]    الكشف عن مناهج الأدلة، ص243-245. ولاحظ: تهافت التهافت، ص285.

[34]    فصل المقال، ص48.

[35]    الأنبياء/ 22.

[36]    المؤمنون/ 91.

[37]    الاسراء/ 42.

[38]    الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة، ص151 وما بعدها.

[39]    الكشف عن مناهج الأدلة، ص167 .

[40]    صحيح مسلم، حديث 293.

[41]    المصدر السابق، ص174-175.

[42]    الحاقة/ 17.

[43]    السجدة/ 5.

[44]    الملك/16.

[45]    المصدر السابق، ص174ـ178 .

[46]    دي بور: تاريخ الفلسفة في الإسلام، ص394.

[47]    فمن ذلك ما جاء من فتوى لطائفة من الامامية تحكم بكفره، وان البعض وصف شرحه لأصول الكافي بقوله: ‹‹شروح الكافي كثيرة جليلة قدراً، وأول من شرحه بالكفر صدراً هذا›› (محمد باقر الخوانساري: روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، الدار الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى، 1411هـ - 1991م، ج4، ص118).

[48]    تهافت التهافت، ص229ـ231 و420.

[49]    شرح رسالة المشاعر، ص177-180.

[50]    تهافت التهافت، ص228.

comments powered by Disqus