-
ع
+

الجهاد والواقع

يحيى محمد

ليس الجهاد من التعبديات التي لا تفهم أغراضه ومغازيه. فالمقصود منه استنادًا إلى النصوص والواقع التنزيلي، هو دفع الظلم والعدوان. ويقر الفقهاء بشكل عام بمقاصد الجهاد، إلا أنهم يختلفون حول مضمونها في اطروحتين:

الإطروحة الأولى: وترى أن الهدف من الجهاد هو فرض الدين على الآخرين حتى وإن تم ذلك بالقوة، اعتماداً على ظواهر بعض النصوص القرآنية.

الإطروحة الثانية: وترى أن الهدف منه هو رد الظلم والعدوان.

الإطروحة الأولى

بحسب الإطروحة الأولى قام الفقهاء بتقسيم العالم إلى دارين؛ دار إسلام وحرب. وهو تقسيم يجد مبرراته في النهج الماهوي للفهم الديني كما تبناه الفقهاء. فتبعاً لهذا المنطق الثنائي تكون الحرب هي الأصل الحاكم في العلاقة بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى، وفقاً لعدد من الشروط؛ مثل توفر القوة الكافية وعدم دفع الجزية والصغار. فقد أُعتبر كل كتابي لم يدفع الجزية بأنه محارب وإن لم يشهر السلاح أو يقوم بالعدوان. وبذا جرى التمييز بين الذمي والحربي انطلاقاً من دفعها وعدمه. ونسب البعض هذا الرأي إلى اجماع علماء مذهبه[1].

إذاً، وفقاً للإطروحة الأولى فإن الأصل في علاقة الإسلام بالآخر هو الحرب لا السلم، وأنه دين سيف لا دين محبة وسلام. وتأكيداً على الأصل الحربي لهذه العلاقة؛ ذهب جماعة من الفقهاء إلى ان أقلّ ما يفعل من الجهاد في السنة مرة واحدة، أي يجب أن يقاتل المسلمون الكفار مرة واحدة على الأقل لكل سنة، ما لم يتعذر ذلك لعذر مشروع، مثل قلة عدد المسلمين وضعف عدتهم. كما يجب القتال بأكثر من مرة في السنة إن دعت الحاجة لذلك، باعتباره فرض كفاية فيجب منه ما تدعو الحاجة اليه[2]. وادعى الشيخ الكركي من الإمامية أن على ذلك إجماع المذهب[3]. وبحسب رأي العز بن عبد السلام أنه يجوز الصلح مع الكفار خلال أربعة أشهر، ولا يجوز أكثر من سنة[4].

وأهم ما عولت عليه هذه الإطروحة هو إطلاقات النصوص التي توجب محاربة أهل الكفر، كما في آيتي السيف والجزية من سورة التوبة الآمرتين بقتال المشركين والكافرين ما لم تُدفع الجزية.

ومثل ذلك ما روي عن النبي أنه كان يحث المؤمنين على قتال الكافرين بعد ان يدعوهم إلى الإسلام أو دفع الجزية، وما تشير إليه رسائله الموجهة إلى ملوك البلدان غير الإسلامية[5]. ومثل ذلك ما اتصف به حكم الخلفاء الراشدين.

وقد استدل البعض على المعنى السابق بقوله تعالى: ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله﴾. فذهب العديد من المفسرين إلى أن معنى الفتنة هو الكفر والشرك[6]، وقال الإمام الجصاص في تفسيره لهذه الآية بأنها توجب فرض قتال الكفار حتى يتركوا الكفر، وقال ابن عباس وقتادة ومجاهد والربيع ان الفتنة هنا هي الشرك[7]، وأما الدين فهو الانقياد لله بالطاعة، والدين الشرعي هو الانقياد لله عز وجل والاستسلام له، ودين الله هو الإسلام لقوله تعالى: ﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾.

واعتبر بعض المعاصرين ان قصد الإمام الجصاص من قوله (حتى يتركوا الكفر) هو ‹‹كفرهم المتعلق بالتشريع واتباع القانون الباطل، لأن التحليل والتحريم وتشريع الأحكام هو من الله وحده لا يجوز لغيره، فمن نازع الله هذا الحق أو ادعاه لنفسه كان ذلك منه كفر في نظر الشريعة الإسلامية››[8].

لكن جاء عن بعض الصحابة ان تفسير تلك الآية مرهون بما كان عليه واقع المسلمين أول الأمر من القلة، حيث كان الرجل يُفتن في دينه ليرده الكفار إلى الكفر بعد ايمانه[9]، أو ليقتلوه أو يوثقوه، حتى كثر الإسلام ولم يعد بامكان الكفار اضطهاد المسلمين أو تعذيبهم، ومن ثم زالت الفتنة، مثلما ذهب إلى ذلك ابن عمر، وهو المتبادر من معنى الآية عند صاحب تفسير (المنار)[10]، لا سيما وأن في ذيل الآية وما قبلها من الآيات المباشرة ما يمنع القتال بمجرد الكفر أو الشرك، إذ قال تعالى: ﴿وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل، ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه، فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين، فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم، وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين﴾[11].

وعلى ما نقله ابن القيم وارتضاه عن جماعة من ‹‹إن القتل إنما وجب في مقابلة الحِراب لا في مقابلة الكفر، لذلك لا يقتل النساء ولا الصبيان ولا الزَّمنى والعميان ولا الرهبان الذين لا يقاتلون، بل نقاتل من حاربنا. وهذه كانت سيرة رسول الله (ص) في أهل الأرض››[12].

الإطروحة الثانية

أما بحسب الإطروحة الثانية فإن الأصل في العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها هو السلم، وان القتال لا يكون بسبب الكفر ذاته، وانما لدفع الظلم والعدوان. وتظل آية ﴿لا إكراه في الدين﴾ حاكمة على غيرها من النصوص. فهذا الرأي هو الذي نسبه ابن تيمية إلى جمهور الفقهاء من أمثال أبي حنيفة ومالك وابن حنبل وغيرهم[13]، وعدّ الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والاعتبار تثبته، خلافاً للرأي المعارض وما يترتب عليه من آثار سيئة، وهو المنسوب إلى الشافعي وغيره[14].

إن آية ﴿لا إكراه في الدين﴾ هي من الأهمية بمكان في ما نحن بصدده من البحث. ذلك أنها تبطل قول من يرى وجوب الإكراه في الدين وقتاله ولو كان موادعاً ومسالماً. وهي على رأي رشيد رضا قاعدة كبرى من قواعد دين الإسلام، وركن عظيم من أركان سياسته[15].

وعلى ضوء هذه الآية وآيات الموادعة والسلم ذهب أغلب الباحثين والفقهاء حديثاً إلى اعتبار الأصل في العلاقة مع الدول غير المسلمة هو السلم لا الحرب، محتجين بأن الحرب لم تكن لغرض الاعتقاد، بل لدواعي دفاعية ووقائية لصد الشر والعدوان. ومن ذلك قول عبد الله دراز: ‹‹ومن هذه المبادئ ان الحرب الشرعية لا تقوم الا من اجل دفع العدوان ويجب ان تتوقف بمجرد انتهائه››[16]. كما اعتبر الشيخ أبو زهرة أن الحرب من إغراء الشيطان، وأن من يسير فيها إنما يسير في خطواته، اعتماداً على قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنه لكم عدو مبين﴾[17]. وذهب إلى ذلك أيضاً كل من محمد رشيد رضا كما في تفسير (المنار) وكتابه (الوحي المحمدي) والعقاد في كتابه (عبقرية محمد) ووهبة الزحيلي في (آثار الحرب في الفقه الإسلامي) ومحمد الغزالي في (دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين). فقد اعتبر رشيد رضا وغيره أن العلاقة بين دار الإسلام وغيرها هي في الأصل علاقة سلم، وإن ما سماه فقهاؤنا بـ (دار الحرب) إنما ينقسم إلى حربيين إن كان أهلها معادين مقاتلين للمسلمين، وإلى معاهدين إن كان بين الفريقين عهد وميثاق على السلم وحرية المعاملة في التجارة وغيرها[18].

وعموماً لو أننا عولنا على الحرب في أصل العلاقة مع الدول غير الإسلامية استناداً إلى النصوص وفق النهج الماهوي وبغض النظر عما تظهره من تعارضات اطلاقية؛ فستفضي النتيجة – ولا بد - إلى الصدام مع المقاصد. فالحرب بدلالة الواقع ليست علاجاً ناجعاً بشكل دائم، فحتى مع توفر القوة والقدرة قد تخلّف من آثار الضرر والدمار ما لا يحمد عقباه. أما التعارضات الإطلاقية لنصوص الخطاب - حيث يدعو بعضها إلى الحرب فيما يدعو البعض الآخر إلى السلم - فلن تُفسَّر تفسيراً صحيحاً الا عند الإعتراف بأنها محكومة بتأثير التمايزات والتغايرات التي شهدها واقع التنزيل، مع مراعاة حاكمية المقاصد من العدل وعدم العدوان، كما عرفنا من قبل.

وبحسب المقاصد لا ضرورة لتقييد الجهاد بالحرب، سواء كان لأجل فرض الدين كما هو مفاد الإطروحة الأولى، أو لأجل صد الظلم والعدوان كما في الإطروحة الثانية، أو لمكافحة كل ما هو مناف للدين. فحيث أن الجهاد من الوسائل لا الغايات؛ لذا صحّ أن تختلف أساليبه وتقدر طبقاً لما عليه الأحوال والأوضاع.

فبغير هذا المعنى نعود إلى الصيغة التعبدية التي تُفرغ الجهاد من مقصده وفحواه، رغم أنه يفضي إلى ازهاق الأرواح، وربما يكون بلا مبرر معقول؛ مما يتنافى مع المقاصد الدينية. فالجهاد والمجاهدة كما قال الراغب في (مفردات غريب القرآن) هما استفراغ الوسع في مدافعة العدو، سواء بمدافعة أهواء النفس الأمارة بالسوء، أو مدافعة العدو الخارجي باليد واللسان والمال وما إليها، وقد قال تعالى: ﴿وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله﴾، وجاء عن النبي (ص) قوله: ‹‹جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم››[19]. وبالتالي فمن الخطأ حصر الجهاد في الحرب وإزهاق الأرواح والنفوس، ومن ثم اعتبار الحرب والتصفية الجسدية هي الحالة الثابتة له.

فبدلالة الواقع إن للجهاد وسائل متعددة قد ينفع بعضها في ظرف ما، ويضر في ظرف آخر، أو لا يحقق ما يرجى له من المقاصد. فله أشكال مختلفة تشمل ضروب الصراع والكفاح، كما في الحرب ومن خلال صناديق الاقتراع والكلمة والإعلام والمبادرات السياسية والاقتصادية وصيغ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما إليها. وبدراسة الواقع مع أخذ المقاصد بعين الإعتبار قد يتبين الشكل الأنفع والأنسب من بين هذه الأشكال المختلفة.

وبعبارة أخرى، إن التقيد بمبدأ المقاصد ومراعاة الواقع يجعل التعيينات المطروحة بشأن الجهاد تعيينات غير ثابتة الكيفية. فثمة وسائل مختلفة لصور الجهاد، بعضها قد يتعارض مع المقاصد دون البعض الآخر، اعتماداً على كشف الواقع. فقد لا يتسق الجهاد الحربي معها، وعلى العكس قد يكون الجهاد الحركي غير المسلح مثمراً أكثر من غيره.

فبالجهاد الحركي يمكن تحقيق هدفين معاً: العمل على محاربة المنكر، ومدافعة الطرف الآخر، كالذي يجري في البلد الواحد من المساهمة في المشاركة السياسية مع مختلف الاتجاهات العلمانية وقبول مبدأ الديمقراطية كمنهج حركي عام تتحدد فيه المنافسة بين التيارات المتباينة دون الدخول في صراعات عسكرية. ويتطلب ذلك احتراماً متبادلاً من جميع الأطراف تجاه الرؤية المنتخبة وفق ميل الأغلبية، وذلك ضمن قواعد دستورية محايدة يتفق عليها الجميع. فهذا الشكل من المجاهدة يتيح للرؤية الدينية أن تلعب دورها في العمل البناء لتحقيق المقاصد؛ سواء كانت ضمن السلطة السياسية الحاكمة أو خارجها، وذلك بأقل الخسائر الممكنة مقارنة بالجهاد الحربي.

إذاً، فللجهاد صور متنوعة؛ لا بحسب اعتبارات الواقع وما يكشف عنه من تغايرات تقتضي تنويع الموقف والمعاملة فقط، بل كذلك لاحتمال أن يأتي اليوم الذي يكون فيه الجهاد الحربي هو آخر ما ينبغي التفكير به، خوفاً مما يفضي إليه الحال من فناء المجتمعات وتمزيقها بحرب مدمرة تهلك الحرث والنسل دون أن يُعرف لها آخرة ولا نتيجة.


[1]  مغنية: فقه الإمام جعفر الصادق، ج2، ص269. والفقه على المذاهب الخمسة، دار الجواد، بيروت، الطبعة السابعة، 1982م، ص465.

[2]  المفصل في أحكام المرأة، ج4، ص411-412.

[3]  جواهر الكلام، ج21، ص10.

[4]  الفوائد في اختصار المقاصد، مصدر سابق، فصل في الناجز والمتوقع من المصالح والمفاسد.

[5]  ابن طولون الدمشقي: إعلام السائرين عن كتب سيد المرسلين، تحقيق محمود الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، 1407هـ ـ1987م، ص52 و60.

[6]  فتح القدير، ج1، ص191-192.

[7]  رغم ما جاء في كثير من الأحاديث من أن معنى الفتنة في الآية هو الشرك؛ فإن المرحوم الطباطبائي اعتبر ذلك من مصاديق الفساد في الأرض، أي ان الفتنة تعني الفساد في الأرض، وأن الشرك من مصاديقه (محمد حسين الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، نشر جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم، ج2، ص72).

[8]  عبد الكريم زيدان: مجموعة بحوث فقهية، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1396هـ ـ1976م، ص55.

[9]  ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، دار الخير، الطبعة الاولى، 1990، ج1، ص254.

[10]               المنار، ج9، ص666.

[11]               البقرة/ 190ـ193.

[12]               ابن القيم: أحكام أهل الذمة، حققه وعلق حواشيه صبحي الصالح، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثانية، 1401هـ ـ1981م، ج1، ص17.

[13]               على رأي أبي حنيفة أنه إذا امتنع أهل الذمة عن اداء الجزية ونقضوا عهدهم فإن ذلك لا يبيح قتلهم ولا غنم أموالهم ولا سبي ذراريهم ما لم يقاتلوا، إنما يجب اخراجهم من بلاد المسلمين آمنين حتى يلحقوا مأمنهم من أدنى بلاد الشرك، فإن لم يخرجوا طوعاً أُخرجوا كرهاً (الاحكام السلطانية، ص186).

[14]               دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين، ص61.

[15]               المنار، ج3، ص39. وعلى رأي ابن تيمية الذي نسبه إلى السلف فإن الآية ليست منسوخة ولا مخصوصة أو يصح نسخها وتخصيصها، وانما على حد قوله: ‹‹النص عام فلا نكره أحداً على الدين، والقتال لمن حاربنا، فإن أسلم عصم ماله ودمه، واذا لم يكن من أهل الكتاب لا نقتله، ولا يقدر أحد قط ان ينقل ان رسول الله (ص) اكره أحداً على الإسلام، لا ممتنعاً ولا مقدوراً عليه، ولا فائدة في إسلام مثل هذا، لكن من أسلم قُبل منه ظاهر الإسلام›› (عن: وهبه الزحيلي: آثار الحرب في الفقه الإسلامي، دار الفكر، دمشق، ص67). ومثل ذلك اعتبر الشوكاني الآية محكمة غير منسوخة (فتح القدير، ج1، ص275). كما ذهب الطباطبائي من المعاصرين إلى نفس هذه النتيجة من عدم نسخ الآية، فهي ثابتة الحكم لثبات علة الحكم ﴿قد تبين الرشد من الغي﴾، وردّ على الذين اتهموا الإسلام بأنه دين سيف ودم؛ معتبراً الجهاد والقتال ليس لغاية احراز التقدم وبسط الدين بالقوة، بل لإحياء الحق والدفاع عن فطرة الإنسان (التوحيد). أما ‹‹بعد انبساط التوحيد بين الناس وخضوعهم لدين النبوة ولو بالتهود والتنصر فلا نزاع لمسلم مع موحد ولا جدال›› (الميزان، ج2، ص343-344). وواضح من ذلك ان الطباطبائي قد استثنى المشركين من آية الرشد، أو أنه قيدها بأهل التوحيد من الديانات السماوية، خلافاً لرأي ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

[16]               محمد عبد الله دراز: مدخل إلى القرآن الكريم، دار القلم، الكويت، 1400هـ ـ1980م، ص112-113.

[17]               البقرة/ 208. انظر: أبو زهرة: العلاقات الدولية في الإسلام، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1384هـ ـ1964م، ص48-49.

[18]               المنار، ج10، ص313.

[19]               الراغب الاصفهاني: مفردات غريب القرآن، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص101. والمنار، ج10، ص306.

comments powered by Disqus