-
ع
+

صحيح البخاري ومسلم والروايات الخرافية

يحيى محمد

روت كتب الصحاح الكثير من الأحاديث التي لا تعقل، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن ابي هريرة من ان النبي موسى لطم عين ملك الموت ففقأها. حيث روي ان رسول الله قال: جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له: أجب ربك، فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها، فرجع الملك إلى الله تعالى فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني، فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إلى عبدي فقل الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة، قال ثم مه، قال ثم تموت، قال فالآن من قريب رب امتني من الأرض المقدسة رمية بحجر، قال رسول الله (ص) والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر[1].

وجاء في صحيح البخاري ما فيه الخرافة والاساءة للانبياء، ومن ذلك ما روي عن ابي هريرة ان رسول الله (ص) نقل عن سليمان (ع) قوله: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله وطاف عليهن جميعاً فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون[2].

ومثل ذلك روي عن قتادة ان أنس بن مالك قال: كان النبي (ص) يدور على نسائه في الساعة الواحدة، من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة - وفي رواية اخرى تسع زوجات- فسأل قتادة أنساً: أو كان يطيقه؟ فأجاب أنس: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين[3].

كما ورد في الصحيحين الكثير من الروايات الخرافية، مثل حديث التثاؤب من الشيطان، وان له ضراطاً عند المناداة بالصلاة، وانه يبول في اذن من نام ولم يقم لصلاة الصبح... الخ. فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ان النبي (ص) قال: إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما استطاع، فإذا قال (ها) ضحك منه الشيطان[4].

وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ان النبي (ص) قال: إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، فإذا قضي أقبل، فإذا ثوّب بها أدبر، فإذا قضي أقبل، حتى يخطر بين الإنسان وقلبه فيقول اذكر كذا وكذا حتى لا يدري أثلاثاً صلى أم أربعاً، فإذا لم يدر ثلاثاً صلى أو أربعاً سجد سجدتي السهو[5]. وروى البخاري ومسلم عن عبد الله من انه ذكر عند النبي (ص) رجل، فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة، فقال (ص): بال الشيطان في أذنه[6].

وروى البخاري عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطاناً[7]. وروى مسلم عن ابي ذر انه سأل النبي عن الكلب الاسود فأجابه بأنه شيطان[8].

وروى البخاري عن ابي هريرة ايضاً انه كان يحمل مع النبي (ص) إداوة لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها فقال: من هذا؟ قال: أنا أبو هريرة، فقال النبي: ابغني أحجاراً أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا بروثة، قال فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعت إلى جنبه ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيت فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: هما من طعام الجن وإنه أتاني وفد جن نصيبين ونعم الجن فسألوني الزاد فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاماً[9]. وروى عن أم شريك أن رسول الله (ص) أمر بقتل الوزغ، وقال: كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام[10].  وروى ايضاً عن عامر بن سعد ان النبي (ص) أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقاً[11]. وفي رواية اخرى ان خمسة من الدواب تعد فواسق يقتلن في الحرم، فكما روي عن عائشة ان النبي (ص) قال: خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور[12].

وروى مسلم ان الفأرة ممسوخة، حيث جاء عن ابي هريرة انه قال: الفأرة مسخ وآية ذلك أنه يوضع بين يديها لبن الغنم فتشربه ويوضع بين يديها لبن الإبل فلا تذوقه فقال له كعب: أسمعت هذا من رسول الله (ص)؟ قال: أفأنزلت عليّ التوراة[13]؟! والمقصود بذلك ان الفأرة هي من اليهود الممسوخين، ففي رواية انها كانت يهودية لذا انها لا تشرب البان الابل كما ان اليهود لا تشربها[14].

وروى مسلم ايضاً ان الضب قد يكون من الممسوخات، حيث جاء عن جابر بن عبد الله انه أتى رسول الله (ص) بضب فأبى أن يأكل منه وقال: لا أدري لعله من القرون التي مسخت[15] .

كما روى مسلم عن جابر ان النبي قال: إن عرش إبليس على البحر فيبعث سراياه فيفتنون الناس فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة[16].

وروى عن ابي هريرة ان النبي قال: سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة[17]. كما روى مسلم  عن ابي هريرة ان النبي قال: لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر[18].

وروى ايضاً عن ابي هريرة ان النبي قال: استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه؛ ان ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيراً[19].

وفي رواية اسطورية تظهر ان رجلاً يوم القيامة تكون له الجرأة في ان يرد على الله تعالى ويقول: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟! فيضحك الرب على رده هذا[20].

وفي رواية اسطورية اخرى عن عمرو بن ميمون انه قال رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم[21].

 



[1] صحيح مسلم، حديث 2372، وصحيح البخاري، حديث 1274، وحديث 3226

[2] صحيح البخاري، حديث 6263

[3] صحيح البخاري، حديث 265

[4] صحيح البخاري، حديث 5869، ومثله حديث 5872، وحديث 3115، وصحيح مسلم، حديث 2994

[5] صحيح البخاري، حديث 3111، ومثله حديث 1164، وحديث 1174، وحديث 583، وصحيح مسلم، حديث 389

[6] صحيح البخاري، حديث 1093، وصحيح مسلم، حديث 774

[7] صحيح البخاري، حديث 3127

[8] صحيح مسلم، ج1، حديث 265

[9] صحيح البخاري، حديث 3647

[10] صحيح البخاري، حديث 3180

[11] صحيح البخاري، حديث 2238

[12] صحيح البخاري، حديث 1732، وحديث 3136، ولاحظ ايضاً: سلسلة الذهب، ص77

[13] صحيح مسلم، حديث 2997

[14] تأويل مختلف الحديث، مقدمة المؤلف.

[15] صحيح مسلم، حديث 1949

[16] صحيح مسلم، حديث 2813

[17] صحيح مسلم، حديث 2839

[18] صحيح مسلم، حديث 1470

[19] صحيح مسلم، حديث 1468

[20] روى مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله قال: آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة فيقول: أي رب! أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم! لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: لا يا رب! ويعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها. ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي رب! أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها، فيستظل بظلها ويشرب من مائها. ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب! أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب! هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليها، فيدنيه منها. فإذا أدناه منها، فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب! أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم! ما يصريني منك (اي يقطع مسئلتك)؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب! أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟! فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر (صحيح مسلم، حديث 310)

[21] صحيح البخاري، حديث 3636.

comments powered by Disqus