-
ع
+

النهي عن كتابة الحديث وأسبابه

يحيى محمد

مرت على الحديث النبوي مراحل واطوار تختلف كثيراً عن تلك التي جرت على القرآن الكريم. فقد بدأ القرآن بالتدوين كلاً او جزءاً، ومن ثم الجمع، ومن بعده الاقرار بنسخة مصححة تناقلتها الاجيال منذ زمن ثالث الخلفاء الراشدين وحتى يومنا هذا، وهي المعروفة بمصحف عثمان. اما الحديث فامره مختلف، ذلك انه لم يجد تشجيعاً على تدوينه بالشكل الذي حصل مع القرآن، بل على العكس فان الاخبار الكثيرة الواردة عن النبي (ص) والصحابة والتابعين تفيد كراهة كتابته وتدوينه، رغم ان العديد منها ينتابه التعارض والتناقض.

فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن النبي (ص) قال: لا تكتبوا عني شيئاً؛ فمن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه، ومن كذب عليّ متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار[1]. وكذا روي عن زيد بن ثابت أن النبي (ص) نهى أن يكتب حديثه[2]. وروي عن أبي هريرة انه قال: خرج علينا رسول الله (ص) ونحن نكتب الأحاديث، فقال ما هذا الذي تكتبون؟ قلنا أحاديث نسمعها منك، قال أكتاب مع كتاب الله? أمحضوا كتاب الله وأخلصوه، أتدرون ما ضل الأمم قبلكم الا بما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله تعالى، قلنا أنحدث عنك يا رسول الله? قال حدثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، قلنا فنتحدث عن بني اسرائيل؟ قال: حدثوا ولا حرج، فأنكم لن تحدثوا عنهم بشيء إلا وقد كان فيهم أعجب منه، قال أبو هريرة فجمعناها في صعيد واحد فألقيناها في النار[3].

ومع ان نصوصاً اخرى نقلت عن النبي تجيز كتابة حديثه، كالتي ينقلها الحافظ البغدادي وابن عبد البر والرامهرمزي وغيرهم من الحفاظ، لكن يبدو من الكثير منها انها تفيد الكتابة الشخصية، وهي من هذه الناحية لا تدل على عزم النبي على كتابة حديثه، وقد عدها الحفاظ ليست باقوى من تلك التي ابدت الكراهة في الكتابة، وبعضها لا يتنافى مع مضامين الاولى؛ ككتابة السنن ومقادير الفرائض المعلومة، او الكتابة المعللة لاجل الحفظ، او لطلب ما فات من خطبة النبي (ص)، وإن كان بعضها الاخر يتناقض فعلاً مع الاولى.

ومن ابرز ما جاء في هذا الصدد حديث أبي شاه اليمني في التماسه من رسول الله (ص) أن يكتب له شيئاً سمعه من خطبته عام فتح مكة، حيث قال (ص): اكتبوا لأبي شاه[4].

وعن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله إني لا أحفظ شيئاً، قال: استعن بيمينك على حفظك. ومثله ما روي عن انس بن مالك[5]. وعن رافع بن خديج: قلنا يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها? قال: أكتبوا ولا حرج[6]. وقد نقلت روايات عديدة عما كان يكتبه عبد الله بن عمرو بن العاص وان النبي قد اجاز له ذلك، كالذي رواه البغدادي في (تقييد العلم). وروي عن أبي هريرة انه قال: ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله (ص) مني، إلا عبد الله بن عمرو؛ فإنه كان يكتب بيده، فاستأذن رسول الله (ص) في أن يكتب ما سمع منه، فأذن له، فكان يكتب بيده ويعي بقلبه، وإنما كنت أعي بقلبي[7]. كما روي عن عبد الله بن عمرو انه قال: ما آسى على شيء إلا على الصادقة والوهط. وكانت الصادقة صحيفة إذا سمع من النبي (ص) شيئاً كتبه فيها، والوهط أرض كان جعلها صدقة[8].

لكن هذا المنقول عن ابي هريرة وابن عمرو وابن خديج يتنافى مع ما سبق ان روي عن ابي هريرة من ان النبي اعترض على من كتب عنه وطلب اتيان ما كتب حتى جمع وأحرق.

وقيل ان من ابرز الصحابة الذين اباحوا الكتابة هم كل من علي بن ابي طالب وابنه الحسن وأنس بن مالك وعبد الله بن عمرو[9]. وورد نص (قيدوا العلم بالكتاب) عن كل من النبي وعدد من الصحابة، منهم الامام علي وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وغيرهم[10]. فقد روي عن الامام علي انه خطب وقال: من زعم أن عندنا شيئاً نقرأه، ليس في كتاب الله تعالى وهذه الصحيفة - وهي صحيفة معلقة في سيفه، فيها أسنان الإبل وشيء من الجراحات- فقد كذب[11]. وروي عنه ايضاً انه قال: من يشتري مني علماً بدرهم، اي يشتري صحيفة بدرهم يكتب فيها العلم، ومثل ذلك روي عن ابن عباس[12]. كما روي عن الحسن بن علي انه دعا بنيه وبني أخيه فقال: يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين، فتعلموا العلم؛ فمن لم يستطع منكم أن يرويه، فليكتبه، وليضعه في بيته[13]. وروي ان مجاهداً سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه الواحه، فامره ابن عباس بالكتابة، حتى سأله عن التفسير كله، ولهذا كان سفيان الثوري يقول: اذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به[14]. كما روي عن التابعي سعيد بن جبير بان عبد الله بن عباس كان يملي في الصحيفة حتى يملأها، وذكر انه كان هو الاخر يكتب في نعله حتى يملأها[15]. كذلك روي عن بشير بن نهيك انه قال: كتبت عن أبي هريرة كتاباً فلما أردت أفارقه قلت: يا أبا هريرة إني كتبت عنك كتاباً فأرويه عنك؟ قال: نعم اروه عني[16]. ومثل ذلك روي عن الشعبي انه قال: إذا سمعت شيئاً فاكتبه ولو في الحائط[17]، وكذا ما نُقل عن يحيى بن سعيد ان ابن أبي زائدة اخرج اليه كتاب الشعبي فكتب منه[18]، وهو خلاف ما سنرى في رواية اخرى انه كان يمنع نفسه من ان يكتب شيئاً.

***

وكما قلنا ان التعارض في النصوص عن النبي (ص) حول كتابة حديثه - حيث بعضها يدعو الى الكتابة في حين يمنع البعض الاخر ذلك - لا يلغي حقيقة كون النبي لم يرد لحديثه ان يدون تدويناً عاماً، اذ من الجائز انه كان يتقبل الكتابة الشخصية، وربما انه قام بمنع الكتابة احياناً عندما خشي ان تتحول الى التداول العام، كما تدل عليه بعض الاخبار.

وقد استمر حال التحفظ من التدويل العام للكتابة طيلة قرن من الزمان او اكثر قليلاً، وذلك في عهد كل من الصحابة والتابعين. وذكر الحفاظ اكثر من  تفسير لما حدث من منع كتابة الحديث او الامر بمحوها وازالتها. ومن ذلك احتمل ابن الصلاح امرين، احدهما هو ان النبي (ص) أذن في الكتابة عنه لمن خشي عليه النسيان، ونهى عنها لمن وثق بحفظه مخافة الاتكال على الكتاب. والاخر هو انه نهى عن الكتابة خوفاً من ان يختلط الحديث بصحف القرآن، ومن ثم أذن في كتابته حين أمن من ذلك[19]. وعلى هذه الشاكلة علل ابن حجر في (مقدمة فتح الباري) نهي النبي عن تدوين آثاره، وكذا استمرار ذلك في عصر الصحابة والتابعين، بأمرين: احدهما خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن، وثانيهما لسعة حفظ هؤلاء وسيلان أذهانهم ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة[20]. وذكر الرامهرمزي بان علة كراهة الكتابة من قبل الصدر الأول للصحابة هو لقرب العهد وتقارب الإسناد ولئلا يعتمد على ذلك الكاتب فيهمل الحفظ ولا يعمل به[21]. كما قدّر بعض المعاصرين بانه لما عمّ القرآن وشاع حفظاً وكتابة لم يبق لهذا الخوف من معنى، بل أصبحت كتابة السنة واجبة لصيانتها من الضياع[22].

لكن هذا التقدير وكذا القول بان سبب النهي يعود الى  الخوف من ان يختلط الحديث بالقرآن، كما ردده المتأخرون الى يومنا هذا، ليس عليه دليل بحسب ما روي عن سيرة الصحابة واقوالهم.

ويبدو ان العلة في الكراهة والنهي تكمن في منع الانشغال بالحديث والاشتغال فيه، وذلك لعدد من الاسباب، ابرزها ان لا يتخذ الحديث كتاباً يضاهي ما عليه القرآن، كما هو عادة الناس، وسنرى ان السيرة الفعلية للصحابة والتابعين تؤيد هذا المعنى. وقريب منه ما اشار اليه الحافظ أبو عمر بن عبد البر في ذكره للوجه الاول من علة كراهة الكتابة، حيث ذكر وجهين بهذا الخصوص: هما ألا يتخذ مع القرآن كتاباً يضاهى به، ولئلا يتكل الكاتب على ما كتب فلا يحفظ فيقل الحفظ[23]. ويؤيد هذا المعنى ان الكراهة لم تقتصر على كتابة الحديث، بل امتدت الى كراهة الاكثار منه، فالاكثار يفضي الى الانشغال به والاشتغال فيه، كما يفضي الى الكذب على النبي، حيث تكثر احتمالات تحوير كلامه او التقول عليه بشكل او بآخر، ومن ثم يؤدي الامر الى احلال دين بدين، كالذي حل في الاديان السماوية السابقة للاسلام. ومن هنا ظهر التحفظ في كل من كتابة الحديث والاكثار من روايته، بل وظهر التثبت في سماعه والرغبة في احالته احياناً الى من هو دون النبي (ص) خشية الكذب عليه، وذلك لما ورد عنه انه توعد بالنار لكل من كذب عليه.

حديث الكذب على النبي

من المهم بمكان ان نعرف انه ليس في الروايات التي رويت عن النبي ما يفوق حديث (الكذب على النبي) اهمية وصحة، وذلك لعدد من الاسباب. فمن جهة ان هذا الحديث اثر تأثيراً بالغاً على سائر ما روي من الاحاديث، اذ كان له تأثيره على عدم كتابة الحديث والاقلال من الرواية، والتثبت والتدقيق في ما ينسب الى النبي، وحتى الاقلاع عن الرواية كلياً. يضاف الى اهميته الخاصة في المنع من الانشغال بالحديث والاشتغال فيه، كالذي تدل عليه السيرة الفعلية لكبار الصحابة والتابعين، إذ فيه ما يقتضي التحذير لاولئك الذين يكثرون من الرواية.

هذا من جهة، أما من جهة اخرى فهو ان لهذا الحديث خصوصية لا يدانيه فيها حديث اخر قط من حيث الصحة والتواتر، اذ ليس هناك خبر كثرت طرق روايته وتخريجه كهذا الحديث، حتى صوره العلماء والحفاظ بانه فاق حد التواتر، ولم يكن هناك حديث قط بلغ المدى الذي بلغه، حتى قال ابن الصلاح انه من سئل عن ابراز مثال للحديث المتواتر سوى هذا الحديث أعياه طلبه[24].

وقد ورد الحديث في الصحيحين وغيرهما، وذكر ابن حجر انه قد اعتنى جماعة من الحفاظ بجمع طرقه، فأول من وقف على كلامه في ذلك هو علي بن المديني وتبعه يعقوب بن شيبة، فذكر انه روى هذا الحديث من عشرين وجهاً عن الصحابة من الحجازيين وغيرهم. كما ذكر كل من إبراهيم الحربي وأبي بكر البزار أن الحديث رواه أربعون من الصحابة. وقال أبو بكر الصيرفي انه رواه ستون نفساً من الصحابة، وجمع طرقه الطبراني فزاد قليلاً. وقال أبو القاسم بن منده رواه أكثر من ثمانين نفساً، وخرج الطرق بعض النيسابوريين فزادت قليلاً. وجمع طرقه ابن الجوزي في مقدمة كتاب (الموضوعات) فجاوز التسعين، وبذلك جزم ابن دحية. بل نقل عن ابن دحية ان الحديث أخرج من نحو أربعمائة طريق. وقال أبو موسى المديني رواه نحو مائة من الصحابة، وجمعها بعده الحافظان يوسف بن خليل وأبو علي البكري وهما متعاصران فوقع لكل منهما ما ليس عند الآخر، وكان المجموع عنهما هو رواية مائة من الصحابة. ونقل النووي أن الحديث جاء عن مائتين من الصحابة، ولاجل كثرة طرقه اعتبره جماعة من الحفاظ أنه متواتر[25].

ومما ذُكر بهذا الصدد انه روى الحديث الكثير من التابعين عن طريق أنس بن مالك، ورواه ستة من مشاهير التابعين عن الامام علي، كما روي عن ابن مسعود وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وغيرهم[26]. وذكر بعض الحفاظ ان من بين من روى هذا الحديث العشرة المشهود لهم بالجنة، وقال: ليس في الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرة غيره ولا يعرف حديث يروى عن أكثر من ستين نفساً من الصحابة عن رسول الله (ص) إلا هذا الحديث[27]. وقيل ان الحديث متواتر لفظاً ومعنى، فمن حيث التواتر اللفظي جاء بصيغة: (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) حيث رواه بضعة وسبعون صحابياً منهم العشرة المشهود لهم بالجنة[28]. اما من حيث التواتر المعنوي فكما جاء عن النووي ان الحديث روي عن مائتين من الصحابة[29]. ويبدو ان طرق الحديث اخذ تخريجها بالازدياد مع تقادم الزمن، حتى قال ابن الصلاح: ان هذا الحديث لم يزل عدد رواته في ازدياد، وهلم جرا على التوالي والاستمرار[30]. الامر الذي يجعل المصداقية الفعلية لهذه الطرق تنحصر بتلك التي رواها المتقدمون لا المتأخرون. كما ان القول بتواتر هذا الحديث يواجه بعض الاشكالات كما عرضناها في دراسة مستقلة.

هكذا تتبين اهمية هذا الحديث الذي به يمكن فهم الكثير مما جرى لكبار الصحابة والتابعين، حيث اقلوا من الرواية وتحفظوا فيها. ولا ينكر ان هناك عدداً من الصيغ التي روي فيها الحديث، ومن ذلك صيغتان لهما دلالتان متضادتان، احداهما ذكر فيها الكذب (المتعمد) والاخرى دون هذا القيد، وفي بعض الروايات ان عبد الله بن الزبير سأل اباه: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله (ص) كما يحدث فلان وفلان؟ فاجابه الزبير: والله يا بني ما فارقته منذ أسلمت ولكني سمعته يقول من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار، والله ما قال متعمداً وأنتم تقولون متعمداً[31].

والذي يلاحظ هو ان سلوك الصحابة والتابعين يتسق مع دلالة الصيغة الاخيرة التي تخلو من لفظة (متعمداً) وما شاكلها[32]، وفي هذا تحذير قوي للاحتراز من ان يكون هناك تحوير لكلام النبي، وبالتالي المنع من احلال دين اخر غير الدين القائم على القرآن، ويساند ذلك ما ورد من قرائن كثيرة دالة على المنع من الانشغال بالحديث والاشتغال فيه، حيث ان الانشغال والاشتغال في الحديث يفضيان في الغالب الى تحوير كلام النبي والكذب عليه، كما يفضيان الى تحويل المسائل الشخصية والادارية الى امور دينية ما انزل الله بها من سلطان، وهو ما يؤول الى احلال دين اخر خلاف ما عليه دين النبي والقرآن.

ويستنتج من ذلك ان النبي لم يرد من اقواله واحاديثه ان ترتسم ديناً الا تلك التي تتعلق بالسنة العملية العامة وتدل عليها قرائن انها من الدين، وميزتها التكرر، وقد تعاطاها الصحابة بالحفظ والعمل، كالصلاة والزكاة والصوم والحج وما اليها.

 



[1] صحيح مسلم، شبكة المشكاة الالكترونية، ج4، حديث 3004، كذلك: الخطيب ابو بكر البغدادي: تقييد العلم، شبكة المشكاة الالكترونية، ص1، ومقدمة ابن الصلاح في مصطلح الحديث، دار الفكر المعاصرـ دار الفكر، مراجعة نور الدين عتر، بيروت ـ دمشق، 1986م ـ1406هـ، عن مكتبة سحاب السلفية الالكترونية، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. كذلك جاء عن أبي سعيد قوله: استأذنت النبي (ص) أن اكتب الحديث، فأبى أن يأذن لي (تقييد العلم، ص2، ويوسف بن عبد البر النمري: جامع بيان العلم وفضله، موقع أم الكتاب للأبحاث والدراسات الإلكترونية، عن شبكة المشكاة الالكترونية، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف، لم تذكر ارقام صفحاته). وقوله ايضاً: ما كنا نكتب شيئاً غير القرآن والتشهد (تقييد العلم، ص25).

[2] تقييد العلم، ص3، وفي رواية اخرى عن زيد بن ثابت انه دخل على معاوية، فسأله عن حديث، فأمر إنساناً يكتبه، فقال له زيد: إن رسول الله (ص) أمرنا أن لا نكتب شيئاً من حديثه، فمحاه (تقييد العلم، ص3، وجامع بيان العلم وفضله، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف).

[3] تقييد العلم، ص3، وفي رواية اخرى عن أبي هريرة انه قال: بلغ رسول الله أن ناساً قد كتبوا حديثه، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما هذه الكتب التي بلغني أنكم قد كتبتم، إنما أنا بشر، من كان عنده منها شيء فليأت به؛ فجمعناها فأحرقت، فقلنا يا رسول الله نتحدث عنك? قال تحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار (تقييد العلم، ص3).

[4] مقدمة ابن الصلاح في مصطلح الحديث، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده.}. وجاء ايضاً ان النبي(ص) كتب كتاب الصدقات والديات والفرائض والسنن لعمرو بن حزم وغيره {جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر الرخصة في كتاب العلم

[5] تقييد العلم، ص14

[6] تقييد العلم، 17

[7] وجاء عن عبد الله بن عمرو انه ذكر عن نفسه بانه كان يكتب كل شيء يسمعه من رسول الله (ص) لاجل حفظه، فنهته قريش عن ذلك بحجة انه يكتب كل شيء يسمعه من النبي والنبي بشر يتكلم في الغضب والرضا، فامسك ابن عمرو عن الكتابة وذكر ذلك للنبي، فقال له النبي: أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق. وعن عبد الله بن عمرو ايضاً انه قال لرسول الله (ص): ءأكتب ما سمعت منك؟ قال: نعم، قال عند الغضب وعند الرضا؟ قال: نعم، إنه لا ينبغي لي أن أقول إلا حقاً. وعنه ايضاً انه قال: قلت يا رسول الله أقيد العلم? قال: نعم، قلت وما تقييده؟ قال: الكتاب (تقييد العلم، ص15).

[8] تقييد العلم، ص22.

[9] مقدمة ابن الصلاح في مصطلح الحديث، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. وإن كنا سنجد بعض المنقولات عن الامام علي انه كان يطالب بمحو ما كُتب من الحديث.

[10] تقييد العلم.

[11] تقييد العلم، ص23، وجاء في صحيح البخاري ان علياً خطب على منبر من آجر وعليه سيف فيه صحيفة معلقة، فقال: والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل وإذا فيها المدينة حرم من عير إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، وإذا فيها ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، وإذا فيها من والى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً (صحيح البخاري، ضبطه ورقمه ووضع فهارسه مصطفى ديب البغا، شبكة المشكاة الالكترونية، حديث 6870، كذلك: الخطيب البغدادي: الرحلة في طلب الحديث، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص130).

[12] أبو خيثمة النسائي: كتاب العلم، مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ص34

[13] تقييد العلم، ص24 }. وعن أنس بن مالك انه كان إذا حدث فكثر عليه الناس جاء بمجال فألقاها، ثم قال: هذه أحاديث سمعتها وكتبتها عن رسول الله (ص) وعرضتها عليه { تقييد العلم، ص26

[14] الطبري: جامع البيان، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، ص62، وابن تيمية: مقدمة في أصول التفسير، شبكة المشكاة الالكترونية، المقدمة (لم تذكر ارقام صفحاته ولا فقراته).

[15] تقييد العلم، ص28، مع ان هناك روايات اخرى منافية عن ابن عباس تشير الى كراهته كتابة العلم والحديث، ومنها ما نسب الى سعيد بن جبير، اذ جاء عن سعيد أن ابن عباس كان قد نهى عن كتاب العلم، وأنه قال: إنما أضل من قبلكم الكتب (تقييد العلم، ص6، وجامع بيان العلم، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف).

[16] كتاب العلم، ص35.

[17] كتاب العلم، ص34.

[18] أبو عبيد الآجري: سؤالات أبي عبيد الآجري لأبي داود سليمان السجستاني، دراسة وتحقيق عبد العليم عبد العظيم، مكتبة دار الاستقامة بمكة - مؤسسة الريان ببيروت، الطبعة الاولى، 1418هـ ـ 1997م، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص322

[19] مقدمة ابن الصلاح، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده.

[20] ابن حجر العسقلاني: مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الاول، مكتبة سحاب السلفية الالكترونية (لم تذكر ارقام صفحاته ولا فقراته). وانظر ايضاً: جمال الدين القاسمي: قواعد التحديث، شبكة المشكاة الالكترونية، ص69

[21] الرامهرمزي: المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، شبكة المشكاة الالكترونية، ص386

[22] لاحظ مثلاً: مصطفى الزرقاء: الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد، دار الفكر، الطبعة السابعة، ج2، ص927 وما بعدها. كذلك: عبد العزيز الخياط: نظرية العرف، مكتبة الاقصى، عمّان، 1397هـ ـ1977م، ص89.

[23] جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف.

[24] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة المشهور من الحديث.

[25] ذكر ابن حجر ان بعض مشايخه نازع في تواتر هذا الحديث، وقال لأن شرط التواتر استواء طرفيه وما بينهما في الكثرة، وليست موجودة في كل طريق منها بمفردها. لكن أجيب بان المراد بالتواتر هو رواية المجموع عن المجموع من ابتدائه إلى انتهائه في كل عصر، وهذا كاف في إفادة العلم، لان العدد لا يشترط في التواتر. كما ردّ ابن حجر على من ادعى أن مثال التواتر لا يوجد الا في هذا الحديث، فذكر جملة من الاحاديث التي ينطبق عليها التواتر، منها حديث من بنى لله مسجداً، والمسح على الخفين، ورفع اليدين في الصلاة، والشفاعة، والحوض، ورؤية الله في الاخرة، والائمة من قريش، وغير ذلك (ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة، بيروت، ج1، ص181، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية : www.yasoob.com).

[26] فتح الباري، ج1، ص181، وقواعد التحديث، ص171

[27] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة المشهور من الحديث.

[28] لكن روي عن الزبير بن العوام، وهو احد هؤلاء العشرة، انه كذّب ذكر لفظة (متعمداً) في الحديث كما سنرى.

[29] حافظ احمد الحكمي: دليل ارباب الفلاح لتحقيق فن الاصطلاح، نقل الكتاب ابو عبد الله عمر العاتي، دون ذكر ارقام الصفحات او الفقرات، مكتبة سحاب السلفية الالكترونية.

[30] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة المشهور من الحديث.

[31] ابو جعفر الطحاوي: مشكل الاثار، شبكة المشكاة الالكترونية، ج1، ص65، والكفاية في علم الرواية، مصدر سابق، باب الكلام في الجرح واحكامه.

[32] الكذب في اللغة يحتمل الغلط، ووضع الشيء في غير موضعه (بدر الدين الزركشي: البحر المحيط، شبكة المشكاة الالكترونية (لم تذكر ارقام صفحاته)، فقرة 1068). وقد يكون المقصود من الكذب في الحديث النبوي حسب الصيغة الاخيرة هو النقل الخاطئ، ويؤيده ان هذه اللفظة كثيراً ما وردت عن الصحابة في اتهام بعضهم البعض الاخر بما يبدو ان معناه الخطأ دون التعمد. ومن ذلك ما رواه ابن عبد البر من انه جاء في حديث مشهور ان سمرة قال: كان للنبي سكتتان يعين في الصلاة عند قرائته، فبلغ ذلك عمران بن الحصين فقال: كذب سمرة، فكتبوا إلى أبي بن كعب، فكتب قد صدق سمرة. وعن طاوس انه قال: كنت جالساً عند ابن عمر فأتاه رجل فقال أن أبا هريرة يقول أن الوتر ليس بحتم فخذوا منه ودعوا، فقال ابن عمر كذب أبو هريرة؛ جاء رجل إلى رسول الله فسأله عن صلاة الليل فقال مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فواحدة. كما كذّبت عائشة ابن عمر في عدد عمر رسول الله (ص) وفي أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه. وقيل لعروة بن الزبير ان ابن عباس يقول أن رسول الله لبث بمكة بعد أن بعث ثلاث عشرة سنة، فقال كذب إنما أخذه من قول الشاعر. وعن الحسن بن علي أنه سئل عن قول الله عز وجل ((وشاهد ومشهود)) فأجاب فيها، فقيل له أن ابن عمر وابن الزبير قالا كذا وكذا خلاف قوله، فقال كذبا. وعن عبادة بن الصامت أنه قال كذب أبو محمد - وهو الصحابي مسعود بن أوس - في وجوب الوتر، حيث استشهد عبادة بقول رسول الله خمس صلوات كتبهن الله على العباد ... الحديث (جامع بيان العلم، باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض).

comments powered by Disqus