-
ع
+

المعنى الكسبي للإمامة

يحيى محمد

في دراسة مستقلة قدّمنا عدداً من المعطيات تقرّب من فكرة كون الامامة ذات طبيعة كسبية غير منزلة ولا الهامية، والرجوع الى القرآن الكريم يؤكد هذا النحو من التصور كما سيأتينا بيانه. وهي بهذا لا تتضمن العصمة، بل كمال العلم والدين والتقوى. وهي اقرب ما تكون الى التصور الحالي عن المرجعية وصفاتها الخاصة في الايمان والعدالة والاعلمية. مع اخذ اعتبار ان المرجعية قائمة على الاجتهاد المفضي الى الظن في الغالب، وان المهمة التي تضطلع بها هي استنباط الاحكام الشرعية بحسب الوسع والقدرة ومن ثم العمل بها او تبليغها، في حين تتقوم الامامة بالعلم والحكمة تبعاً للوظيفة التي تؤديها وهي الهداية، مما لا علاقة له بالفقه حسب الاصطلاح المتعارف عليه. كذلك ان المرجعية تفترض ان يكون هناك طرف اخر تحقق فيه الهدف المطلوب، وهو التقليد وما على شاكلته، فيكون لدينا طرفان في هذه العلاقة هما المرجع والمقلد. بينما تفترض الامامة مفهوم الاقتداء كطرف اخر تحقق من خلاله الهدف المنشود، فالامام من الناحية اللغوية هو الذي يقتدى به[1]، والاقتداء يفيد التأسي كما يفيد الاحتذاء[2]، وهو معنى الاتباع، حيث الاتباع في اللغة هو الولاء[3] .

والرابط بين الامامة والاتباع هو الهداية، حيث تشكل هذه الاخيرة بالنسبة الى الاولى الوظيفة التي تتحقق من خلالها الغاية من الاتباع والتأسي. فهي وظيفة للامامة كما يظهر من قوله تعالى: ((وجعلناهم ائمة يهدون بأمرنا واوحينا اليهم فعل الخيرات)) (الأنبياء/73). كما انها غاية للاتباع مثلما جاء في قوله تعالى: ((فآمنوا بالله ورسوله النبيّ الأميّ الّذي يؤمن بالله وكلماته واتّبعوه لعلّكم تهتدون)) (الأعراف/158)، وقوله: ((يا أبت إنّي قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتّبعني أهدك صراطاً سويّاً)) (مريم/43).

وبهذا يتيسر فهم كون الامام اولى بالتابعين من انفسهم، وذلك بما من شأنه تحقيق الهدف المطلوب من الهداية والاصلاح. ففضيلة التابعين تتجلى بالاقتداء والتأسي بإمامهم: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً)) (الأحزاب/21)، فعند ذاك يتحقق الولاء والمولوية، حيث الاتباع هو الولاء كما اسلفنا. وقد يكون للحديث: ‹‹من كنت مولاه فعلي مولاه›› هذا المعنى[4]. فلعلي عليه السلام الولاية والامامة، وهو اولى بالاخرين من انفسهم، واهل البيت لهم مثل هذه الولاية بالتبعية. لكنها بالمعنى المتقدم غير محددة باشخاص معينين، وقد يدل عليه قوله تعالى: ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزّكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إنّ الله عزيز حكيم)) (التوبة/71)، وان النبي اولى بهم من انفسهم، فهي بذلك درجات ومقامات: (كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته)، فمنها ولاية النبي، وولاية علي، وولاية المؤمنين، وولاية اولى الارحام، كالذي يشير اليه قوله تعالى: ((النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً كان ذلك في الكتاب مسطوراً)) (الأحزاب/6).

ولا اظن ان هناك اشارة قرآنية اقوى دلالة على المعنى العمومي والكسبي للامامة من النص القائل: ((وعباد الرحمن الّذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً... والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعين واجعلنا للمتّقين إماماً)) (الفرقان/63و74). فلقوة هذا المعنى قام المحرفون بتحريف النص كما ورد في تفسير القمي، ناسبين ذلك الى الامام الصادق، حيث قال حسب الرواية: لقد سألوا الله عظيماً ان يجعلهم للمتقين اماماً.. انما نزلت (الذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعل لنا من المتقين اماماً) كالذي سبق عرضه. ومثله النص الذي يقول: ((وجعلنا منهم أئمّةً يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)) (السجدة/24)، حيث المعنى الكسبي للامامة ظاهر في هذه الاية كسابقتها.

على أن مفهوم الطاعة ليس كمفهوم الاتباع في مضايفته للامامة، ذلك ان الطاعة عبارة عن الانقياد لما يقوله الآمر من الامر والنهي، وهي تقع رغبة او رهبة[5]، وبهذا تصلح للمعنيين السياسي والديني من حيث انها تؤدي فعل الانقياد والاذعان، لكنها خلاف الاتباع الذي يفيد الولاء والتأسي والاقتداء. فالفارق بينهما هو ان الاتباع لا يتحقق رهبة والا تحول الى الطاعة والانقياد. ومع ان الطاعة واردة في الشأن الديني، مثلها في ذلك مثل الاتباع، لكنها ليست بدرجته، فالاتباع اقرب الى الدين من الطاعة، مثلما ان هذه الاخيرة اقرب الى السياسة من الاول.

والذي يسرد الايات الخاصة بالاتباع، وايات الامامة، كلفظة امام وائمة، وكذا ايات الولاية كلفظة ولاية وولي واولياء، لا يجد فيها دلالة صريحة على المعنى السياسي. وحتى لفظة (اولي الامر) فان لها دلالة واسعة تخص الامور العامة، وكذا انها غير محددة بأشخاص معينين بقرينة ما اقترن معها من كلمة (منكم او منهم)، مثلما جاء في قوله تعالى: (( يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً)) (النساء/59) وقوله: ((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتّبعتم الشّيطان إلاّ قليلاً)) (النساء/83).

وعليه فان ما اورده العلماء - شيعة وسنة - من تعاريف للامامة لا علاقة له بما جاء في القرآن الكريم، حيث ان كلا الفريقين ربط المعنى بالرياسة في امور الدنيا او السياسة، فبعض التعاريف اضفى عليها البعدين الديني والدنيوي - السياسي - كالذي قاله علماء الشيعة، مثل قول الطوسي بأنها ‹‹رياسة عامة لشخص من الأشخاص في أمور الدين والدنيا››[6]، كما ان بعضها الاخر جعل الامامة مختصة في الرياسة للامور الدنيوية لا الدينية[7]. وقد جاء في تعريف الماوردي أنها ‹‹موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا››[8]، وهو مفهوم شائع لدى علماء اهل السنة، وقد عول عليه الشهرستاني في قوله الشهير: ‹‹ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان››[9].

فالامامة بهذا المعنى لها دلالة على الملك، والبعض اعتبر الملك توأماً للدين، كالذي اشار اليه الغزالي بقوله: ‹‹الملك والدين توأمان، فالدين اصل والسلطان حارس، وما لا اصل له فمهدوم، وما لا حارس له فضائع››[10].

وقد اتفق العلماء على وجوب الامامة بالمعنى المتقدم، فبعضهم توقف عند حدود الوجوب الشرعي كما هو حال جمهور الأشاعرة وأكثر المعتزلة، وبعض اخر اضاف اليه الوجوب العقلي على الامة،  كما هو حال جماعة من المعتزلة، مثل الجاحظ والكعبي وابي الحسين البصري، وبعض ثالث قال بوجوبها العقلي على الله، كما هو حال الامامية الاثنى عشرية[11]، حيث أرتبطت هذه الفكرة عندهم بنظرية اللطف والعصمة، أي أن لها مصدراً إلهياً حالها كحال النبوة على حد سواء. فهي لطف عقلي واجب على الله لأن بها تتم عملية توجيه الناس دينياً واجتماعياً وسياسياً[12]، كما أنها مشروطة بالعصمة احترازاً من أن يكون هناك خلل في الغرض المشار اليه.

ومن حيث التحقيق ان الامامة ليست من صلب الدين وضروراته اذا ما اخذت بالمعنى السياسي الانف الذكر كما يتحدث عنها الناس. فهذا المعنى تخالفه الكثير من القرائن والشهادات، وذلك بخلاف ما لو اخذت بالمعنى الديني المشار اليه سلفاً[13]. فنحن نعلم ان الانبياء لم يطلب منهم ان يكونوا قادة سياسيين، مثلما طلب منهم التبليغ بدواعي النبوة والرسالة. او هم غير مكلفين بهذا الامر ما لم يبايعهم الناس، خاصة ان بعض الانبياء والرسل لم يتولوا هذه المهمة ولم يطلبوها. ومن الشواهد على ذلك ان موسى وهارون (ع) لم يذهبا الى فرعون للانقلاب عليه وابدال منصبه بمنصبهما، بل ذهبا اليه لاجل الاصلاح فحسب، كالذي يكشف عنه قوله تعالى: ((إذهب انت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري. إذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى)) (طه/42ـ43). وكذا الحال فيما إرتضاه يوسف (ع) من عمل تحت امرة وزعامة أحد ملوك مصر، مع انه نبي مبعوث من قبل الله تعالى، فقال جلّ وعلا: ((وقال الملك أئتوني به استخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين. قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم. وكذلك مكنّا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين)) (يوسف/54ـ56). كما من الانبياء من طلب منه الناس ان يولّي عليهم ملكاً يرأسهم، وقد تحقق هذا الطلب، كالذي حصل في زمن نبي الله داود، كما جاء في قوله تعالى: ((ألم تر الى الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى اذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله.. وقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكاً)) (البقرة/246ـ247). ويخمن بعض العلماء ان هذا النبي الذي لم يسمّه القرآن هو صموئيل[14]. وابلغ من ذلك دلالة ما جاء في قوله تعالى من الفصل بين النبوة والملك او الرئاسة والسياسة: ((اذكروا نعمة الله عليكم اذ جعل فيكم انبياء وجعلكم ملوكاً)) (المائدة/20).

وفي الاسلام لم ترد نصوص دينية تبين كيفية النظام السياسي، فمثلاً لا يوجد هناك ما ينص على آليات التنصيب ولوائح الدستور العام وطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وكذا صلاحيات الحاكم وشروط استمراريته في الحكم. فنحن نعلم - مثلاً - بأن عملية التنصيب التي جرت مع الخلفاء الراشدين بعضها يختلف عن البعض الآخر، فما جرى من تنصيب للخليفة الأول يختلف عما جرى مع الخليفة الثاني، وهما غير ما حدث مع الثالث، وكذا ان ما جرى مع الثلاثة مختلف عما جرى مع الرابع. ولم تكن جميع صور التنصيب السابقة قائمة على مبدأ الشورى، كما ان الأخيرة التي حدثت بفعل قرار الخليفة الثاني لم تكن بين جميع المؤمنين ولا جميع أهل الحل والعقد، وكذا يقال بخصوص البيعة حيث لم تحدث على وتيرة واحدة، وبالتالي لا توجد هناك آليات ثابتة ومفصلة للتنصيب. والحال ذاته ينطبق على ما يتعلق بطبيعة العلاقة التي تحكم الحاكم بالمحكوم، ونعلم كم الفارق بين الطريقة التي سار عليها الخليفتان الأول والثاني، وبين ما أحدثه الخليفة الثالث من تغيير[15].

اما بخصوص فكرة الشيعة عن الخلافة فمن الواضح انه رغم ما ظهر من نزاع بين الصحابة بعد النبي حول الخلافة الا انه لم يرد عنهم اي ذكر للوصية والنص عليها[16]، ولا يعقل أن المهاجرين والأنصار تجاهلوها باجماع، خصوصاً وإن خسارة الأنصار أمام المهاجرين يوم السقيفة يجعلهم في أمس الحاجة لتوظيف مثل هذا السلاح إن كان موجوداً، وبحسب بعض الروايات انهم بعد خسارتهم تشبثوا بالقول: (لا نبايع إلا علياً)[17]. كما ان الامام علياً هو الآخر لم يحتج بالنص على حقه في الخلافة، بل روي انه احتج على حقه تبعاً لاعتبارات فضله في الاسلام ومكانته من النبي، وفي بعض المناسبات روي انه كان يذكر مناقبه ويعددها في مناشداته لغيره، ويذكر من بينها قول النبي فيه ‹‹من كنت مولاه فعلي مولاه›› دون ان يراد به المعنى الخاص بالخلافة كما هو واضح من سياق تلك الروايات والردود التي ترد من المقرين بالحديث من الصحابة، ومن ذلك ما روي يوم الشورى قبيل وفاة عمر، وايام عثمان، ويوم الرحبة في الكوفة[18]. وايضاً فأن تنازله عن حقه في الخلافة ومبايعته لغيره وقبوله أن يرضى كواحد من أعضاء الشورى المرشحين للخلافة بعد عمر بن الخطاب من غير اعتراض يتعلق بالنص - سوى ما كان يذكّر به من مناقبه - رغم ما الت اليه النتيجة من عدم اختياره للحكم، كل ذلك يجعل أمر الوصية في الخلافة مستبعداً. هذا بالاضافة الى الروايات التي دلت على ما أبداه من مرونة فائقة عند الحاح الناس عليه بالبيعة بعد مقتل عثمان، حيث فضّل ان يكون لهم وزيراً من أن يكون عليهم أميراً، وكما جاء في (نهج البلاغة) قوله: ‹‹دعوني والتمسوا غيري .. واعلموا اني ان اجبتكم ركبت بكم ما اعلم، ولم اصغ الى قول القائل وعتب العاتب، وان تركتموني فانا كأحدكم، ولعلي اسمعكم واطوعكم لمن وليتموه امركم، وانا لكم وزير خير لكم مني أميراً››[19]. لكنه مع ذلك اذعن للإلحاح واستجاب إلى رغبة الناس، فكما روي في (نهج البلاغة) انه قال: ‹‹فاقبلتم اليّ اقبال العوذ المطافيل على أولادها، تقولون : البيعة البيعة ! قبضت كفي فبسطتموها، ونازعتكم يدي فجاذبتموها ..››[20]. وقال ايضاً: ‹‹والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية اربة، ولكنكم دعوتموني اليها وحملتموني عليها››[21].

ولا شك ان المرونة التي ابداها الامام لا تتسق مع مبدأ التعيين والوصية. وينطبق هذا الامر على ما حدث لولده الحسن الزكي حين صالح معاوية وتنازل له عن أمر الخلافة. بل ان علياًً في بعض ما روي عنه لا يضفي على الخلافة التحديد اللاهوتي ولا الشخصي، بل رأى ان لها شروطاً اسلامية عامة، وكما جاء في النهج قوله: ‹‹قد علمتم انه لا ينبغي ان يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل.. ولا الجاهل .. ولا الجافي .. ولا الحائف للدول.. ولا مرتشي في الحكم .. ولا المعطل للسنة ..››[22]. وكذا قوله عليه السلام في رسالة له الى معاوية: ‹‹انه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد ان يختار ولا للغائب ان يرد، وانما الشورى للمهاجرين والأنصار، فأن اجتمعوا على رجل وسموه اماماً كان ذلك لله رضى ... ››[23].

وهناك امارات أخرى تتسق مع ما ذكرنا، مثل عدم وجود دلالة صريحة في القرآن الكريم تتعلق بأمر الخلافة وما على هذه الشاكلة من الزعامة الالهية. إذ لو كان حالها بالغ الأهمية من حيث التعيين كالنبوة لكانت بينة مثلها، أو على الأقل لكانت لا تقل ظهوراً عن ضرورات الدين من الصلاة والصوم والحج .. وأيضاً فان فرض التعيين وإبلاغ الحجة على المسلمين، ومن ثم تجاهلهم له على ما هو عليه من عظيم الأمر يفضي بهم إلى الكفر او النفاق كما يقول الاخباريون وغيرهم، وهو امر غير معقول، لتضاربه مع نصوص القرآن الكريم في الكثير من المواضع.

هكذا فجميع الامارات السابقة لا تنفي الامامة بالمعنى السياسي فحسب، بل كذلك معناها اللاهوتي المضفى عليه صفة التعيين المنزل كرديف للنبوة كما هو واضح.

 

 



[1] محمد بن ابي بكر الرازي: مختار الصحاح، ضبطه وصححه احمد شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1415هـ ـ1994م، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص21، ومعجم الفروق اللغوية، الحاوي لكتاب ابي هلال العسكري وجزءاً من كتاب نور الدين الجزائري، تحقيق مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، الطبعة الاولى، 1412هـ، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص222

[2] مختار الصحاح، ص17 و271 و75

[3] مختار الصحاح، ص47

[4] ذكرنا هذا الحديث بالخصوص للاتفاق على صحته ولكثرة طرق تخريجه، وإن بالفاظ مختلفة، لكنها ليست باقل مما ذكر، حيث ورد في الكثير من الطرق الفاظ اخرى مضافة مثل: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وجاء في طرق الحديث ان احمد بن حنبل رواه من أربعين طريقاً، وابن جرير الطبري من نيف وسبعين طريقاً، والجزري المقري من ثمانين طريقاً، وابن عقدة من مائة وخمس طرق، وأبا سعيد السجستاني من مائة وعشرين طريقاً، وأبا بكر الجعابي من مائة وخمس وعشرين طريقاً، وفي تعليق هداية العقول عن الأمير محمد اليمني إن له مائة وخمسين طريقاً. ونقل الاميني من المصادر السنية روايات هذا الحديث وهي مسندة عن مائة وعشرة صحابي، واكثر من ثمانين تابعي، وعرف عن ابن عقدة الزيدي انه قد استوفى طرق هذا الحديث (عبد الحسين أحمد الأميني: الغدير في الكتاب والسنة والأدب، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، 1397هـ ـ1977م، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، ص14 و60).

[5] معجم الفروق اللغوية، ص47 و335

[6] الرسائل العشر، ص301

[7] علماً ان مشتقات لفظ الامامة التي وردت في القرآن هي اثنا عشر مورداً، إما بلفظ إمام او أئمة، وفي جميع الموارد المذكورة لا توجد اشارة صريحة دالة على المعنى السياسي. فبعضها يشير الى معنى الكتاب، مثل قوله تعالى: ((إنّا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدّموا وآثارهم وكلّ شيء أحصيناه في إمام مبين )) (يس/12) وقوله: ((يوم ندعو كلّ أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيلاً)) (الإسراء/71) وبعض اخر له معنى الطريق، وهو قوله تعالى: ((فانتقمنا منهم وإنّهما لبإمام مبين)) (الحجر/79) وبعض ثالث له معنى صريح بالهداية والاضلال، بما فيه الهداية والاضلال الى الجنة والنار، وهو الغالب في الموارد، كما في قوله تعالى: ((وجعلنا منهم أئمّةً يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)) (السجدة/24) وقوله تعالى: ((وجعلناهم أئمّةً يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات)) (الأنبياء/73) وقوله: ((أفمن كان على بيّنة من ربّه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة)) (هود/17) ومثله في سورة (الأحقاف/12) وقوله: ((فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون)) (التوبة/12) وقوله: ((وجعلناهم أئمّةً يدعون إلى النّار ويوم القيامة لا ينصرون)) (القصص/41) وبعض رابع ليس له دلالة صريحة على القضايا الدينية او السياسية، بل له صفة العموم، وان كان باعتبارات خارجية وسياقية له دلالة على المعنى الديني، مثل قوله تعالى: ((وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهنّ قال إنّي جاعلك للنّاس إماماً قال ومن ذرّيّتي قال لا ينال عهدي الظّالمين)) (البقرة/124) وقوله: ((والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعين واجعلنا للمتّقين إماماً)) (الفرقان/74) وقوله: ((ونريد أن نّمنّ على الّذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّةً ونجعلهم الوارثين)) (القصص/5).

[8] الماوردي: الاحكام السلطانية والولايات الدينية، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1405هـ ـ1985م، ص3

[9] عبد الكريم الشهرستاني: الملل والنحل، عرض وتعريف حسين جمعة، الطبعة الاولى، دار دانية للنشر، 1990م، ص6

[10] الغزالي: احياء علوم الدين، دار احياء التراث العربي، بيروت، ج1، ص17

[11] انظر حول ذلك المصادر التالية : فخر الدين الرازي: الأربعين في أصول الدين، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، بلدة حيدر آباد الدكن، الهند، ص426ـ427، ومحصل أفكار المتقدمين والمتأخرين، راجعه وقدم له وعلق عليه طه عبد الرؤوف سعد، دار الكتاب العربي، الطبعة الاولى، 1404هـ ـ 1984م، ص351، ونصير الدين الطوسي: تلخيص المحصل، انتشارات مؤسسة مطالعات اسلامي، ص406، وعبد الجبار الهمداني: المغني في أبواب التوحيد والعدل، تحقيق أبي العلا عفيفي، الدار المصرية للتأليف والترجمة، ج20، ص17 و41، ومقداد السيوري الحلي: ارشاد الطالبين الى نهج المسترشدين، منشورات مكتبة المرعشي النجفي، قم، 1405هـ، ص326 و328.

[12] ارشاد الطالبين الى نهج المسترشدين، ص328ـ329، علماً ان هذا الربط للامامة بنظرية اللطف اثار اشكالية حول معنى اللطف الخاص بغيبة الامام المهدي، فبحسب الظاهر ان اللطف معدوم خلال الغيبة، لذلك انبرى بعض المنظرين من قدماء الشيعة ليجيب على هذه الاشكالية ولو بجواب واضح الضعف وعدم الافادة مع اضطراب العبارة وردائتها لغوياً، حيث يقول: ‹‹اذا قالوا: ان نصب الامام اذا كان لطفاً للمكلفين في فعل الواجبات وتجنب المقبحات، فان استتاره وغيبته ينقضان هذا البناء ويبطلان هذا الغرض. قلنا لهم : لا يمتنع ان يقع هذا اللطف مع غيبته في هذا الباب أقوى، لأن الملك اذا لم يعلم مكانه يقف موضعه ويجوز فيمن لا عرفه ان الامام يكون الى ان لا يفعل القبيح ولا يقصر في فعل الواجب اقرب منه لو عرفه، ولا يجوز فيه كونه إماماً›› (مجموعة رسائل الشريف المرتضى، ج3، ص145).

[13] جاء في بعض الروايات عن الامام الكاظم انه نفى ان يكون ولاء الخلائق لاهل البيت هو ولاء ملك، بل انه ولاء دين، ففي جوابه لهارون الرشيد قال: ‹‹نحن ندعي ان ولاء جميع الخلائق لنا نعني ولاء الدين، وهؤلاء الجهال يظنون ولاء الملك، حملوا دعواهم على ذلك، ونحن ندعي ذلك لقول النبي (ص) يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه، يعني بذلك ولاء الدين›› (رضي الدين بن طاوس: فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص109).

[14] محمد رشيد رضا: المنار في تفسير القرآن، دار الفكر، الطبعة الثانية، ج2، ص475.

[15] انظر بهذا الصدد دراستنا: الفكر الاسلامي والفهم المقصدي والتعبدي للدين، مجلة الحياة الطيبة، عدد 15، 2004م.

[16] هناك عدد من الروايات - في الكتب السنية - يستشهد بها علماء الشيعة حول رغبة النبي في تنصيب علي للخلافة، لكنه لم يأمر بذلك. فقد روي ان النبي (ص) قال: إن تؤمروا علياً ولا أراكم فاعلين تجدوه هادياً مهدياً يأخذ بكم الطريق المستقيم. وفي رواية اخرى قوله: إن تستخلفوه (علياً) ولن تفعلوا ذلك يسلك بكم الطريق وتجدوه هادياً مهدياً. كما ورد في رواية ثالثة عن عبد الله بن مسعود انه قال: كنت مع رسول الله (ص) وقد أصحر فتنفس الصعداء، فقلت: يا رسول الله ما لك تتنفس؟ قال: يا بن مسعود نعيت إلي نفسي، فقلت: يا رسول الله استخلف، قال: من؟ قلت: أبا بكر فسكت، ثم تنفس، فقلت ؟ ما لي أراك تتنفس؟ قال: نعيت إلي نفسي. فقلت: استخلف يا رسول الله، قال: من؟ قلت: عمر بن الخطاب، فسكت، ثم تنفس فقلت: ما شأنك يا رسول الله؟ قال: نعيت إلي نفسي، فقلت: يا رسول استخلف، قال: من؟ قلت: علي بن أبي طالب، قال: أوه ولن تفعلوا إذاً أبداً، والله لئن فعلتموه ليدخلنكم الجنة (لاحظ كتاب الغدير، ج1، ص12ـ13).

[17] يراجع بهذا الصدد: محمد رضا المظفر: السقيفة، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص142

[18] لاحظ حول ذلك الجزء الاول من كتاب الغدير.

[19] صبحي الصالح: نهج البلاغة، منشورات دار الهجرة، قم، الطبعة الخامسة، 1412هـ، خطبة رقم 92

[20] المصدر السابق، خطبة رقم 137

[21] المصدر الساق، خطبة رقم 205

[22] خطبة رقم 131

[23] (نهج البلاغة، كتاب 6، بل حتى قوله في النهج (خطبة رقم 173): ‹‹ايها الناس ان احق الناس بهذا الأمر - الخلافة - أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه›› لا يحمل التعيين اللاهوتي.

comments powered by Disqus