-
ع
+

تصورات خاطئة (1) الشيعة وعصمة الأئمة

يتصور الكثير خطأً أن فكرة عصمة الأئمة هي من مسلمات الفكر الشيعي المجمع عليها، وانها ركن من اركان الايمان لدى الشيعة..

والحال ان اصحاب الأئمة ومن جاء بعدهم كانوا يختلفون حولها ضمن تيارين متنافسين، وربما كان الغالبية يميلون الى انكار العصمة، حتى انقلب الامر فاصبح الانتصار الساحق حليف الداعين اليها الى يومنا هذا..

فقد ذهب جماعة إلى ان الأئمة هم من كمّل المؤمنين مع نفي العصمة، لكن شاء المغالون والوضاعون ان يدسّوا في الإمامة كل ما يريدونه حتى رفعوها إلى حد الربوبية. وكما ذكر الوحيد البهبهاني ان الكثير من القدماء لا سيما القميين وابن الغضائري كانوا يعتقدون بأن للأئمة مكانة لا يجوز تعديها والارتفاع عنها، وكانوا يعدون التعدي ارتفاعاً وغلواً، فاعتبروا مثل نفي سهو النبي عنهم غلواً، بل وربما جعلوا نسبة مطلق التفويض اليهم أو التفويض المختلف فيه أو الإغراق في إعظامهم وحكاية المعجزات وخوارق العادات عنهم أو المبالغة في تنزيههم عن كثير من النقائص واظهار سعة القدرة واحاطة العلم بمكنونات الغيوب في السماء والأرض ارتفاعاً وموجباً للتهمة، خصوصاً والغلاة كانوا مخلوطين بهم يتدلسون فيهم. ثم أشار البهبهاني إلى ان القدماء كانوا يختلفون في المسائل الأصولية كالفرعية، فربما كان بعض الإعتقادات عند بعضهم كفراً أو غلواً أو تفويضاً أو جبراً أو تشبيهاً أو نحو ذلك، وعند آخرين مما يجب إعتقاده[1].

وسبق للشيخ المفيد أن نقل عن جماعة من القميين انهم يعتقدون بأن الأئمة كانوا لا يعرفون الكثير من الأحكام الدينية حتى يلهمون في قلوبهم، ومنهم من يقول انهم كانوا يلجأون في الأحكام الشرعية إلى الرأي والظنون[2]. وكان ابن الجنيد يرى ان الأئمة يجتهدون ويعملون بالرأي، وذلك عندما وجد الأقوال المنقولة عنهم متضاربة، حيث جمع مسائل وكتبها إلى أهل مصر وسماها (المسائل المصرية) ذكر فيها ان أخبار الأئمة مختلفة في معانيها لإعتمادهم على الرأي[3].

كذلك صرح زين الدين العاملي (الشهيد الثاني) ان جلّ رواة الأئمة وشيعتهم كانوا يعتبرون الأئمة ‹‹علماء أبرار›› افترض الله طاعتهم مع عدم الإعتقاد بعصمتهم[4]. وكان من أبرز الفرق التي تدعو إلى هذا الإتجاه ما يطلق عليها (اليعفورية)، نسبة إلى عبد الله بن أبي يعفور، وهو كوفي من أصحاب الإمام الصادق والمقرّبين إليه، ويعتبر لدى علماء الرجال من الثقات المعتمد عليهم، وهو على رأس من يقول بأن الأئمة علماء أبرار أتقياء، وله أشياع كثيرون[5].



[1]           الوحيد البهبهاني: الفوائد الرجالية، ص38. كذلك: عدة الرجال، ج1، ص155.

[2]           المفيد: تصحيح الإعتقاد، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد، عدد (5) ص135ـ136.

[3]           المفيد: المسائل السروية، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد (7) ص75.

[4]           بحر العلوم: الفوائد الرجالية، ج3، ص220.

[5]           اختيار معرفة الرجال، فقرة 456، ص515.

comments powered by Disqus