-
ع
+

الدليل الإستقرائي لدى المفكر الصدر (1) الدليل الإستقرائي والضرورة السببية

يحيى محمد 

قد لاقت مسألة العلاقة بين السببية والإستقراء موقفين متناقضين من قبل المذهبين العقلي والتجريبي. فقد إعتبر الأول ان بدون الإيمان المسبق بالسببية يصبح البحث عن الاسباب الخاصة فارغاً وعقيماً. وحتى الفيلسوف عمانوئيل كانت الذي ايد هيوم في المصدر الذاتي للسببية نافياً عنها البداهة والشمول عما يتجاوز اطار الحس والخبرة؛ فإنه مع ذلك قد عدّها من الشروط القبلية التي بدونها تسقط التجربة وتستحيل المعرفة1. وهذا المنطق لم يفرق في ‹‹الضرورة›› بين السببيتين العامة والخاصة، فكلاهما يخضعان إلى نمط من الحتمية يقوم عليها تبرير ظاهرة التعميم في الإستقراء. وقد اتخذت طريقة التعميم هذه صورة قياسية يستمد تبريرها من مبادئ قبلية، رغم عدم اكتراث هذا المنطق بمشكلة مصادرة الضرورة لعلاقة السببية التي يستند إليها التعميم. أما الموقف التجريبي الذي ينفي وجود الضرورة في علاقة السببية العامة - فضلاً عن الخاصة - فهو لا يعتبر الإعتقاد بها شرطاً لازماً لقيام التجربة، بل يخضعها كغيرها من مبادئ المعرفة تحت الإختبار، وان كان يتفق على أن نفيها مطلقاً يجعل البحث عن الاسباب الخاصة عبثاً لا طائل تحته. في حين ذهب المفكر الصدر إلى مخالفة كلا الاتجاهين السابقين، ذلك انه وإن لم يشترط الإيمان المسبق بمبدأ السببية، لكنه رأى ضرورة الإستدلال عليها لتنمية المعارف الإستقرائية، وبدون ذلك لا يتم لهذه المعارف ان تقوم لها قائمة. وعليه فالدليل الإستقرائي بحاجة إلى إثبات كلا السببيتين العامة والخاصة ليتم له تحقيق تلك التنمية، كالذي سنعالجه في هذا البحث.

فهناك مرحلة إستنباطية يتم من خلالها تنمية إحتمال القضية الإستقرائية. وهذه المرحلة تتخذ شكلين، في أحدهما يتم تنمية إحتمال وجود ظاهرة ما نرمز إليها بـ (أ) حين تُعلم سببيتها لظاهرة أخرى نرمز إليها بـ (ب)، أما الآخر فيختص بتنمية إحتمال السببية بين (أ) و(ب) حين يعلم إقترانهما مع بعض وجوداً وعدماً. وبعبارة أخرى ان أحد هذين الشكلين يتكفل العمل على ترجيح وجود الشيء، في حين يختص الثاني بترجيح علاقته السببية بالاخر، وهو ما سنركز عليه.فترجيح السببية يهيء الفرصة لاثبات يقينها ضمن مرحلة تالية هي المرحلة الذاتية.

وتحتاج المرحلة الاستنباطية الى احراز محورين أساسيين كالتالي:

1ـ الكشف عن السببية في القضية الإستقرائية وترجيح الضرورة فيها، ليتسنى بعد ذلك إثباتها.

2ـ إثبات الوحدة المفهومية لدى كل طرف من طرفي العلاقة السببية في القضية الإستقرائية.

وتنطوي القضية الإستقرائية التي يراد لها التعميم على ثلاث مشاكل تستدعي الحل والعلاج. وهذه المشاكل تتعلق بإثبات السببية العامة والخاصة وكذلك التعميم. أو قل انها مرهونة بإثبات كل من الضرورة في العلاقة السببية والوحدة المفهومية ليتسنى التعميم.

فقد أشرط المفكر الصدر ان تحلّ المشكلتان الأولتان طبقاً لإثبات هذين المحورين، حيث في الأول يتم إثبات الضرورة في العلاقة السببية، سواء تلك المناطة بالمشكلة الأولى (السببية العامة)، أو التي تتعلق بالمشكلة الثانية (السببية الخاصة). فالقضية الإستقرائية بنظره ليست قابلة للتيقن ما لم تترجح وتثبت السببية الضرورية لكلا العلاقتين العامة والخاصة، اعتماداً على اقامة التجارب والحساب الإحتمالي لها. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، وإنما يعتمد على إثبات محور آخر هو المطلق عليه الوحدة المفهومية لكل من السبب والمسبب. وتعني هذه الوحدة بأن التعامل مع السبب أو مع المسبب لا يتم مع مشخصاتهما الفردية؛ فلا يكون التعامل مع هذه الالف مستقلاً عن تلك الالف - مثلاً -، وإنما يكون مع الصفة العامة للالفات، وكذا الحال مع الباءات. فعندئذ يمكن حل المشكلتين الأولى والثانية بالتجربة والإستقراء، كما تتطلبها المرحلة الإستنباطية من الدليل الإستقرائي، ويتهيأ الأمر إلى الدخول في حل المشكلة الثالثة وتبرير مسألة التعميم وإثبات اليقين، استناداً إلى ما تقوم به المرحلة الذاتية من الدليل الإستقرائي.

تلك هي إجمالاً الركائز الأساسية لاطروحة المفكر الصدر في حلّه لمشكلة ترجيح الدليل الإستقرائي. وسينصب تحليلنا ونقدنا على المحورين السابقين الذين يقوّمان المرحلة الإستنباطية، ونتساءل: كيف أمكن للمفكر الصدر ان يحقق حله للمشاكل الثلاث المناطة بإثبات المحورين الآنفي الذكر إستقرائياً؟ فأولاً كيف استطاع ان ينمّي الضرورة في العلاقة السببية؟ ثم كيف تمكن من إثبات الوحدة المفهومية لاطراف العلاقة السببية؟

وسنخصص هذه الحلقة لقضية اثبات السببية الضرورية قبل تناول اثبات الوحدة المفهومية.

تمتاز السببية التي تفترض الضرورة كما يعوّل عليها المذهب العقلي بنوعين من العلاقات، إحداهما وجودية، وهي تعني انه كلما وجد السبب (أ) حدثت (ب)، والأخرى عدمية لأنها تعني انه كلما انعدم وجود (أ) فإن (ب) تنعدم تبعاً له، مما يقتضي أن يكون وجود (ب) من دون (أ) مستحيلاً، وهو عبارة عن نفي الصدفة المطلقة التي تتضمن استحالة وجود المسبب من دون سبب. وبحسب المفكر الصدر انه لكي نثبت صحة الدليل الإستقرائي في سيره المعرفي من الخاص إلى العام لا بد من إثبات هذين النمطين من السببية الضرورية، فهما يعبران عن السببيتين الخاصة والعامة.

فحول إثبات السببية الضرورية الخاصة، تارة يُفترض أن هناك مبرراً للإعتقاد باستحالة الصدفة المطلقة، واخرى يفترض عدم وجود مثل هذا المبرر، أي ان من الجائز حدوث مثل هذه الصدفة، فسواء بهذا أو بذاك ان من الممكن تنمية إحتمال هذه السببية بين (أ) و(ب).

ففي الحالة الأولى انه إذا كانت (أ) موجودة ووجدت معها (ب)؛ فإما أن يكون وجود (أ) هو السبب في حدوث (ب)، أو أنه لا علاقة له بذلك، لكن حيث انه بحسب الفرض يستحيل ان يكون وجود (ب) من غير سبب؛ لذا يحتمل بادئ الأمر ان يكون السبب في وجودها هو عنصر آخر غير (أ)، ولنفترض انه (ت). على أن من الواضح انه لو لم تكن (ت) موجودة لتحتمت سببية (أ) لـ (ب)، لكن إحتمال وجودها قد يعطيها بعض القيمة الإحتمالية لأن تكون هي السبب لـ (ب)، ولا شك أن هذه القيمة تظل ضئيلة قياساً بقيمة إحتمال سببية (أ)، وذلك لأن اخراج قيمة إحتمال سببيتها يفرض علينا ضرب إحتمال كونها موجودة في إحتمال كونها هي السبب على إفتراض وجودها، وبعملية الضرب تتضاءل القيمة.

وهذه التقديرات تظل كما هي في حالة اجراء أي عدد ممكن من التجارب. إلا أنه مع زيادة التجارب يلاحظ أن قيمة إحتمال سببية (أ) تزداد، في الوقت الذي تتضاءل فيه إحتمال سببية (ت). فمثلاً في حالة اجراء تجربتين - تظهر فيهما (ب) كلما وجدت (أ) -، سنحصل على علم إجمالي بعدي ذي أربعة أطراف محتملة، وهي تتعلق بإحتمالات وجود (ت) خلال التجربتين، وذلك كما يلي:

1 ـ وجود (ت) في كلا التجربتين.

2 ـ عدم وجود (ت) خلال التجربتين.

3 ـ وجود (ت) خلال التجربة الأولى فقط.

4 ـ وجود (ت) خلال التجربة الثانية فقط.

هذه أربعة أطراف متكاملة بتساويها للإحتمال، حيث كل واحد منها يحظى بقيمة قدرها (1\4). لذا فقيمة إحتمال سببية (أ) لـ (ب) ستشمل حصص الحالات الثلاث الأخيرة مع نصف حصة الحالة الأولى بإعتبارها محايدة، إذ ان إفتراض وجود (ت) في التجربتين معاً، يحتمل له أن يكون السبب لـ (ب) بنفس القيمة المحتملة لـ (أ). وبهذا تكون القيمة الإحتمالية لسببية (ت) هي (1\8)، ولسببية (أ) هي (7\8).

ولو كانت هناك ثلاث تجارب؛ فإن قيمة إحتمال سببية (أ) لـ (ب) ستزداد وتصل إلى (15\16)، وكلما ضاعفنا التجارب تضاعفت قيمة إحتمال سببية (أ) لـ (ب)، وتضاءلت بالمقابل سببية (ت) حتى تقترب من الصفر، لكنها - من الناحية المنطقية - لا يمكنها أن تصل اليه، رغم أنه من الممكن اهمالها طبقاً لمقررات المرحلة الذاتية.

هذه هي قيمة الإحتمال التي يحددها العلم الإجمالي البعدي والتي تمثل القيمة الحقيقية للسببية الخاصة. ومن وجهة نظر المفكر الصدر فإن ما يمنع اجراء عملية ضرب هذا العلم الإجمالي بالعلم الإجمالي القبلي؛ يعود إلى أن العلم البعدي يعتبر حاكماً على ما يتضمنه العلم القبلي، وذلك من خلال ما تؤثر به القيمة الإحتمالية التي تنفي وجود (ت) خلال تجربتين على تلك القيمة المحددة من قبل. فلولا هذا المانع لصحت عملية الضرب عنده، وهي العملية التي انهاها ضمن صياغة رياضية محددة2.

لكنا نعتقد انه لا يصح استخدام الضرب مع العلم القبلي مطلقاً، بإعتباره ليس علماً حقيقياً، بل هو اجراء منهجي نضطر إليه كبداية في التسوية بين الإحتمالات، وذلك حين نفقد مبررات الترجيح تبعاً لمبدأ عدم التمييز، خاصة وأن علاقة الضرب المستقل تجري في حالات التأثير - غير الموجه - بين الأطراف المختلفة، وهو ما لا ينطبق على ذلك العلم القبلي، كما لا ينطبق عليه الضرب المشروط.

***

أما في الحالة الأخرى التي نفترض فيها ما يسوغ لنا الإعتقاد بجواز حدوث الصدفة المطلقة، فإن من الممكن أيضاً تنمية إحتمال سببية (أ) لـ (ب) باطراد، وذلك عن طريق القضية الشرطية التالية: إذا كان صحيح أن (أ) هي السبب في وجود (ب) فلا بد أن يقترنا مع بعض في جميع التجارب المختبرة. وبالعكس فيما لو لم تكن (أ) هي السبب لـ (ب). وفي هذه الحالة إذا افترضنا أن (أ) ليست سبباً لوجود (ب)؛ فسوف تكون لدينا بعض الإحتمالات التي تتعلق بظهور (ب) حين ايجاد (أ). فلو أننا طبقنا هذه الإحتمالات على ما نتنبأ به خلال تجربتين لكانت الأطراف المحتملة كالتالي:

1 ـ إحتمال عدم ظهور (ب) في التجربتين معاً.

2 ـ إحتمال عدم ظهور (ب) في التجربة الأولى فقط.

3 ـ إحتمال عدم ظهور (ب) في التجربة الثانية فقط.

4 ـ إحتمال ظهور (ب) في التجربتين معاً.

فلو أن (أ) ليست سبباً لـ (ب) لكنا نتوقع عدم تحقق الطرف الأخير من الإحتمالات السابقة، بإعتبار أن جميع الأطراف الأخرى تنسجم مع هذا الإفتراض. إلا أنه لو كشفت لنا التجربتان نجاحهما في ظهور (أ) مع (ب)؛ فإن المسألة ستنعكس لصالح السببية بين هذين العاملين، إذ ستكسب جميع قيم الأطراف الثلاثة الأولى التي لم يحالفها حظ التحقق، مع نصف قيمة الطرف الأخير؛ بإعتبار أن إقتران (أ) مع (ب) خلال التجربتين يحتمل له أن يكون صدفة كما يحتمل له أن يكون لزوماً، وبهذا تصبح قيمة إحتمال السببية مساوية لـ (1\4 + 1\4 + 1\4 + 1\8 = 7\8).

وهذه القيمة ليست النهائية لدى المفكر الصدر. إذ يعتقد أن من الضروري اجراء عملية الضرب بين أطراف العلم السابق وما يتضمنه العلم القبلي الذي يحتوي على طرفين محتملين أحدهما لصالح تلك السببية الوجودية والآخر لصالح نفيها. وبعملية الضرب تظهر لدينا الأطراف التالية:

1 ـ إحتمال عدم ظهور (ب) في التجربتين معاً في حالة إفتراض عدم سببية (أ) لـ (ب).

2 ـ إحتمال عدم ظهور (ب) في التجربة الأولى في حالة إفتراض عدم سببية (أ) لـ (ب).

3 ـ إحتمال عدم ظهور (ب) في التجربة الثانية في حالة إفتراض عدم سببية (أ) لـ (ب).

4 ـ إحتمال ظهور (ب) في التجربتين معاً في حالة إفتراض عدم سببية (أ) لـ (ب).

5 ـ إحتمال عدم ظهور (ب) في التجربتين معاً في حالة إفتراض سببية (أ) لـ (ب).

6 ـ إحتمال عدم ظهور (ب) في التجربة الأولى في حالة إفتراض سببية (أ) لـ (ب).

7 ـ إحتمال عدم ظهور (ب) في التجربة الثانية في حالة إفتراض سببية (أ) لـ (ب).

8 ـ إحتمال ظهور (ب) في التجربتين معاً في حالة إفتراض سببية (أ) لـ (ب).

هذه ثمانية أطراف؛ نلاحظ أن الخامس والسادس والسابع منها مستحيل؛ لوجود التنافي بين عدم ظهور (ب) في تجربة على الاقل وبين إفتراض سببية (أ) لها. أما بقية الأطراف فأغلبها لصالح السببية الوجودية، إذ تحظى على قيم كل من الطرف الأول والثاني والثالث والثامن، وتكون محصلتها مساوية لـ (4\5). أما نفي تلك السببية فلا تحظى إلا على قيمة الطرف الرابع؛ مما يجعل قيمتها مساوية لـ (1\5). لكن مع زيادة التجارب الناجحة ستزداد القيمة الإحتمالية للسببية الوجودية باطراد مستمر، في الوقت الذي تتضاءل فيه القيمة الإحتمالية لنفيها.

والذي دعا المفكر الصدر لأن يقيم عملية الضرب بدل الحكومة هو انه لم يحصل على علم إجمالي ينفي مصداقية أحد الطرفين للكلي المعلوم بالعلم القبلي، بل حصل على علم شرطي يعمل على تثبيت مصداقية الطرف الآخر المتمثل بالسببية3. وهو موضع إشكال، حتى ان الصدر - ذاته - اعتقد بأن حالة الضرب بين العلمين الإجماليين وتكوين علم ثالث لا يجعل للمرحلة الذاتية إمكانية القيام بدورها في تحقيق درجة اليقين. مما يعني ان حالة الضرب التي تقام هنا هي غير معتمدة هناك، وبالتالي لا جدوى لها.

***

كان ذلك فيما يتعلق بإثبات علاقة السببية الضرورية الخاصة. أما حول إثبات السببية الضرورية العامة، فيتعلق الأمر هنا بإثبات استحالة الصدفة المطلقة، فلو افترضنا ان (أ) هي الوحيدة المحتملة لسببية (ب) فإن بالإمكان تنمية إحتمال السببية العدمية التي تتضمن نفي الصدفة المطلقة، وذلك من خلال ايجاد التجارب الناجحة التي تكشف عن اختفاء (ب) حين انعدام (أ). فإذا اردنا ان نتنبأ بإحتمال ظهور (ب) خلال تجربتين حين نفترض نفي العلاقة السببية بين عدم (أ) وعدم (ب)؛ لا بد من ملاحظة الأطراف المحتملة التالية:

1 ـ ظهور (ب) في كلتا التجربتين معاً.

2 ـ ظهور (ب) في التجربة الأولى فقط.

3 ـ ظهور (ب) في التجربة الثانية فقط.

4 ـ عدم ظهور (ب) في التجربتين معاً.

والمتوقع ان يثبت أحد الأطراف الثلاثة الأولى فيما لو صدق إفتراض نفي السببية العدمية. لكنه إذا ثبت الطرف الأخير فإن من الطبيعي ان تحظى السببية العدمية على جميع قيم الأطراف الثلاثة الأولى مع نصف قيمة الطرف الأخير؛ بإعتبار ان الإقتران بين عدم (أ) وعدم (ب) خلال التجربتين قد يكون صدفة كما قد يكون لزوماً، وبهذا تقدر قيمة هذه السببية بـ (7\8).

وليست هذه القيمة نهائية عند المفكر الصدر، حيث اكد على ضرورة اقامة عملية الضرب بين ذلك العلم الشرطي وبين العلم القبلي. وهي طريقة خاطئة بلا شك.

وعلى العموم انه كلما ازدادت التجارب الناجحة فسوف تزداد بذلك أطراف العلم الإجمالي الشرطي، وبه تزداد قيمة إحتمال العلاقة السببية العدمية، في الوقت الذي تتضاءل فيه قيمة إحتمال الصدفة المطلقة.

ومن الواضح انه لو صحت هذه الطريقة لكان يعني ان من الممكن البرهنة إستقرائياً على نقطة تعد في غاية الاهمية، إلا وهي استحالة الصدفة المطلقة التي تمثل جوهر السببية العامة، وبالتالي فإن ذلك يعني انه لا حاجة للدليل الإستقرائي إلى أي مصادرة قبلية تتعلق بالسببية.

محاولة نفي السببية التجريبية

ان الفارق الأساس الذي حدده المفكر الصدر بين السببية التجريبية والسببية العقلية هو ان الأولى لا تتضمن الضرورة بخلاف الثانية، وهي أيضاً لا تتعامل مع الأفراد بوصفها ترجع إلى ماهية لها صفة مشتركة عليها يعول تحديد العلاقة السببية بالنسبة إلى الكل، كما هو الحال مع السببية العقلية.

وقد كان لهذا التحديد دوره الهام في اتهام الطريقة التجريبية بعجزها عن إثبات أو ترجيح السببية، فحيث ان السببية ليست بين ماهيتين وإنما هي عبارة عن لون من التتابع بين الأفراد التي تعود إلى فئتي (أ) و(ب)، لذا فإن سببية الفرد ‹‹1›› من (أ) الذي يقترن بالفرد ‹‹1›› من (ب) لا علاقة له بسببية الفرد ‹‹2›› من (أ) المقترن مع الفرد ‹‹2›› من (ب)... الخ. وعليه فبحسب المفكر الصدر انه لما كانت الأفراد مستقلة عن بعضها في تلك العلاقة، فإن قيمة إحتمالها القبلي ستساوي قيمة إحتمال سببية الفرد الأول من (أ) مع (ب) مضروبة بقيمة إحتمال سببية الفرد الثاني، وهكذا مع الثالث إلى آخر الأفراد، فإذا كانت لدينا أفراد كبيرة جداً فإن قيمة الإحتمال القبلي ستقترب من الصفر باطراد، مما يعني عدم قابلية تلك الطريقة لاعطاء نتيجة عملية في الواقع.

اضافة إلى ذلك فإن تلك الطريقة - كما يراها المفكر الصدر - عاجزة عن ترجيح السببية بما هو أكثر من النصف، مهما كان لدينا من التجارب الناجحة. فنجاح أي تجربة سوف لا يعمل إلا ان يزيل عاملاً من عوامل الضرب. فمثلاً إذا كانت علاقة (أ) مع (ب) تعبر عن عشر حوادث للافراد، وكان إحتمال وقوع الحادثة - اياً كانت - يساوي نصفاً، ففي هذه الحالة ان الإحتمال القبلي لإقتران (أ) بـ (ب) سيكون مساوياً لقيمة ضرب العوامل العشرة مع بعضها، وهي تساوي (1\2) مضروبة في نفسها عشر مرات. واذا تأكدنا من نجاح جميع الحوادث باستثناء واحدة منها لم نجربها بعد؛ فإن عوامل الضرب التسعة ستزول، لكن الحادثة الأخيرة تظل على ما هي عليه، وبالتالي فإن القيمة الإحتمالية لإقتران (أ) بـ (ب) ستكون:

(1)9 × 1\2 = 1\2

ومن ثم فإن زيادة التجارب الناجحة لا تنمي إحتمال تلك العلاقة باكثر من نصف مهما امتد بنا الإستقراء، إذ كل حادثة جديدة لما كانت لا تتضمن الضرورة ولا علاقة لها بالحوادث التي قبلها؛ فإن إمكان وجودها يظل مساوياً لإمكان عدمها دائماً.

والذي جعل المفكر الصدر يرتب هذه النتيجة الخطيرة هو انه إعتبر حقيقة السببية التجريبية تنطوي على الصدفة المطلقة لكونها لا تقر بالضرورة واللزوم في تلك العلاقة4. وهي نتيجة تتسق مع موقفه السلبي إزاء مبدأ التعلم من التجارب السابقة في الحسابات الإحتمالية المستقلة. وسبق لنا نقد هذا الموقف الذي التزم به مفكرنا مع عدد من الفلاسفة والباحثين الغربيين.

***

ونشير أخيراً إلى انه لو كانت السببية العامة مفترضة قبلياً أو انها مثبتة بالطريقة الإستقرائية، فكل ذلك سيؤثر على كشف الاسباب الخاصة لعلاقات الطبيعة، خلافاً لما اعتقده فيلسوف العلم ريشنباخ5. إذ ستتحدد المسألة بحسب ما عليه مجموع الأطراف القبلية المحتملة والتي تؤثر على حساب قيمة إحتمال سببية (أ) لـ (ب). فلو كنا نحتمل أن سبب (ب) هو إما (أ) أو (ت)، وافترضنا التساوي في الإحتمالات القبلية، لكانت القيمة القبلية لكل منهما هي (1\2). لكن لو كان هناك إحتمال آخر ينفي السببية مطلقاً، لتحولت القيم القبلية لكل من هذه الأعضاء إلى (1\3)، ومع ادخال هذه القيمة القبلية قي المعادلة الحسابية التي تعين سببية (أ) فإن قيمتها ستتضاءل كثيراً عما كانت عليه من دون ذلك العضو الجديد.

مشكلة إثبات الضرورة العقلية

رغم عمق المحاولات المبتكرة التي أسسها المفكر الصدر في تنمية إحتمال السببية طبقاً لنظريته الخاصة حول العلم الإجمالي؛ إلا ان هناك عدداً من الملاحظات التي نسجلها على النتيجة المستخلصة، كالآتي:

1ـ ليس من شك ان المحاولات السابقة للتنمية الإحتمالية تصلح لإثبات السببية عموماً في قبال الصدفة، لكنها تفشل في البرهنة على إثبات الضرورة التي تتضمنها علاقة السببية. فمن الواضح ان الإقتران بين ظاهرتين خاصتين إما ان يعبّر عن ضرورة محضة أو عن صدفة محضة أو عن علاقة مشدودة تقبل الانفكاك. ومع كثرة التجارب ومشاهدة التكرار في الإقتران يمكننا بطريقة الإحتمال أن نضعّف من قيمة إحتمال الصدفة ومن ثم نفيها عملياً، لكن يظل لدينا إفتراضان أحدهما لصالح الضرورة والآخر لصالح علاقة الشد. ومن المعلوم ان كثرة التجارب الناجحة لا اثر لها في تأييد أي فرض من الفرضين السابقين ما لم يتدخل عامل آخر جديد، كالعامل الفلسفي أو الديني، مثلما نبّه عليه الصدر في كتابه اللاحق (بحث حول المهدي).

هكذا ان التجارب المتكررة بإمكانها ان تساعد على تنمية إحتمال نفي الصدفة المطلقة، لكنها لا تساعد على تنمية إحتمال استحالتها؛ للفارق بين نفي الشيء ونفي استحالته، أو لأن إثبات علاقات الشد لا يدل على استحالة فكّها.

ولا يختلف هذا الموقف من إثبات السببية العامة بواسطة الإحتمال والإستقراء عن الموقف السابق مع السببية الخاصة. إذ ان نجاح التجارب يمكن أن يساعد على تنمية إحتمال سببية ظاهرتين مقترنتين مع بعض، دون ان يعني ذلك انها تنمّي قيمة إحتمال الضرورة في العلاقة المفترضة بينهما، طالما يحتمل ان تكون هذه العلاقة هي علاقة شد.

ويلاحظ ان للفكر الإسلامي ثلاثة مواقف ازاء طبيعة العلاقة السببية الخاصة، وإن اتفقوا على ما تتميز به السببية العامة من وجود العلاقة الضرورية. فهناك الموقف الذي يرى ان العلاقة السببية تتحكم بها الضرورة، وهو ما يمثل وجهة النظر الفلسفية. كما هناك الموقف الذي يرى العلاقة هي علاقة اطراد ناشئة بفعل ‹‹الخلق المستمر››، مثلما تقول بذلك الاشاعرة. كذلك هناك الموقف الذي يرى العلاقة محكومة بالصور الطبعية كسنة شاء الله تعالى ان يطبع بها مخلوقاته، وهي بالتالي ثابتة لكنها ليست ضرورية الثبات، بدلالة ان خرقها جائز للأنبياء ليبرهنوا على صدق دعواهم، كما هو رأي ابن حزم6، وكما هو رأي المعتزلة فيما عبروا عنه بالتوليد7.

هكذا نحن أمام ثلاث نظريات عن السببية الخاصة، وهي باختصار عبارة عن:

أ ـ السببية الضرورية (الفلاسفة).

ب ـ السببية الخلقية (الاشاعرة).

ج ـ السببية الطبعية أو التوليدية (ابن حزم والمعتزلة).

اذاً فلأجل البرهنة إستقرائياً على السببية الأولى لا بد من أن نضعّف في المقابل السببيتين الاخريين. ولو اننا إعتبرنا السببية الثانية (الخلقية) تفترض سلفاً الرجوع إلى المبدأ الميتافيزيقي الخاص بالمسألة الإلهية، وجوّزنا تسامحاً عدم الاذعان إلى الإعتبارات الميتافيزيقية، فإنه مع ذلك تظل أمامنا السببية الطبعية، إذ كيف يمكن القضاء على فرض قائل بأن علاقات الطبيعة يسود فيها نمط من الطبائع وإن لم يتحتم تأثيرها؟ وهو الفرض الذي يتسق مع ما اطلقنا عليه علاقة الشد؛ لتعريته عن الإعتبارات الميتافيزيقية، ولنفسر سائر الظواهر التي لا يسود فيها ما يمكن اسناده إلى الصبغة الطبعية، كما هو الحال مع الظواهر الاحصائية. ويؤيد ما نحن بصدده الإتجاه الفيزيائي المعاصر لنظرية الكوانتم حول تفسيرها لعلاقات الطبيعة بعيداً عن مفهوم الضرورة الحتمية. بل إن التردد الحاصل بين الضرورة وعلاقة الشد يجد له شاهداً من الخلاف بين الفيزيائيين حول تفسيرهم لطبيعة القوانين الكونية التي تتحكم في عالمنا الكبير.

أما لو أخذنا التأثير الخاص بالمسألة الميتافيزيقية (الدينية)بعين الإعتبار فاننا سنعجز عن أن نضعّف الإفتراض القائل بالسببية الخلقية، وهو الإفتراض الذي يجعل من العلاقات بين السبب والمسبب لا يسود بينها أي نمط من أنماط التأثير، إنما جرت سنة الله أن يجعل بينهما هذا الارتباط من التعاقب والاضطراد لحكمة ما مثلاً. لكن لو اعتمدنا على صلب النظرية الأشعرية التي تنفي الغرض الالهي فان الدليل الإستقرائي يمكنه ان يضعف هذا التوجه8.

ومع ذلك فليس هناك ما يضطرنا للأخذ بإفتراض السببية الخلقية طالما ان من الممكن تفسير تلك العلاقات بشكل قريب ومتسق وفقاً للدليل الإستقرائي.

ومن حيث الدقة، هناك مشكلة تتعلق بموضوع البساطة، وبالتحديد التفسير الشمولي (الإستقرائي) لها، قبال التفسير الفلسفي لظواهر الطبيعة كالذي بحثناه في (منهج العلم والفهم الديني). فقد يقال إنه يمكن تفسير هذه الظواهر بمبدأ واحد فقط لا غير، وهو مبدأ العلة المباشرة، كالذي تقوله نظرية الأشاعرة من أن كل شيء يمكن تفسيره عبر التأثير المباشر لله، وهي بهذا المعنى أبسط من أي نظرية علمية تحاول تفسير تلك الظواهر وفق القوانين المتعددة، بإعتبارها اشمل منها. لكن رغم تضمنها لهذه البساطة فإنها تفتقر إلى قوة التفسير، فهي لا تفسر لنا لماذا تتخذ الظواهر الطبيعية شكل القوانين دون تجاوز؟ بمعنى أنها تظل فلسفية وليست علمية، أو ان الدلالة الإستقرائية لا تؤيدها. ويمكن أن تقابلها نظرية منافسة ومرجحة، كإن نعترف بالسبب الميتافيزيقي الأول كعلة للظواهر الطبيعية، وفي الوقت ذاته يتم تفسير هذه الظواهر عبر القوانين العامة، فتصبح علاقة الظواهر بالسبب الأول غير مباشرة عبر القوانين المجعولة. وبذلك يتحدد التنافس بين النظرية الأشعرية والنظرية الأخيرة في أن بساطة الأولى فلسفية ميتافيزيقية، في حين أن بساطة الثانية علمية قائمة على الدليل الإستقرائي، وهي بالتالي ذات بساطة شمولية علمية أو إستقرائية، خلافاً للأولى التي تتصف بأن بساطتها وان كانت شمولية أيضاً، كما أنها إقتصادية، لكن عيبها أنها تفتقر إلى الدليل الإستقرائي وقرائن التقديرات الإحتمالية، ومن ثم كانت الثانية ارجح من الأولى9.

2ـ يمكن القول ان مبدأ السببية مفترض سلفاً في تعريف المفكر الصدر للإحتمال، فهذا التعريف قائم على مبدأ عدم التمييز، وهو مستلهم من مبدأ السببية العامة، لكونه يعني عدم جواز ترجيح حالة على غيرها من الحالات ما لم يكن هناك سبب ما للترجيح، وهو الذي يبرر معاملة الحالات بالتساوي، وهو تساوي الإحتمال كما علمنا. وبالتالي فإن مبدأ عدم التمييز، أو مبدأ عدم الترجيح بلا مرجح، هو مبدأ مصادر سلفاً في تحديد الإحتمال الذي قامت عليه محاولة إثبات السببية العامة، مع انه منتزع عنها. إلا أن يُقال بأن السببية المفترضة هنا هي تلك المتعلقة بقضايا المعرفة وليس الوجود الخارجي، وذلك للتمايز بين هذين العالمين. وهو أمر صحيح..

كذلك سنرى بأن علاقة السببية مصادرة مرة ثانية عند محاولة إثبات الوحدة المفهومية التي عدها المفكر الصدر شرطاً لإثبات تلك العلاقة، وهكذا يكون الأمر دوراً وتسلسلاً من غير نتيجة.

3ـ على العموم ان فرض الضرورة لا يصلح التمسك به في تقييم تعميماتنا لقضايا الإستقراء حتى مع إفتراض صدقه في الواقع، فنحن لا نتعامل مع الظواهر بحدود العامل الواحد كي نعرف ان هذا ضروري الوجود وذلك ضروري العدم، بل يلاحظ ان كل ظاهرة تخضع للعديد من العوامل المختلفة التي تشكل فيما بينها العلة التامة حسب التعبير التقليدي الأرسطي. واذ لا يمكن الاحاطة بكافة تلك العوامل والشروط فإنه لا ضمان لنجاح الظاهرة مطلقاً. فقد تنعدم عوامل أساسية خافية عنا، كما قد تتدخل عوامل أخرى جديدة تعمل على حرف الظاهرة.

هكذا فحيث ان ظواهر الطبيعة ذات بنية تركيبية خاضعة للتغيير باستمرار؛ لذا فإنها تكون مسرحاً لنوعين من العلاقات التي يثبتها الدليل الإستقرائي، هما علاقات الشد والمصادفة العرضية (النسبية). أما علاقات الضرورة فهي على فرض وجودها ينبغي ان تكون ضيقة بالحدود التي تصير فيها العوامل ثابتة من دون ان يطرأ عليها أي تأثير خارجي، لهذا كان بحثها يختص بالدراسات الفلسفية المجردة.

لذا ليس باستطاعة منطق الضرورة للعلاقة السببية ان يفسر لنا القوانين العلمية الاحصائية، كقانون دوركايم في الانتحار الاناني، فهناك خاصية لا تتلاءم مع طريقة هذا المنطق. فرغم أن هذا القانون مضطرد الا انه لا يحتم العلاقة الدائرة بين الانتحار وعدم التماسك الاجتماعي. فهو لا يعبّر عن إقتران جميع الأفراد الخاصة بفئة عدم التماسك مع جميع أفراد فئة الانتحار، بل هناك احصاء وتناسب مضطرد يجعل قوة الانتحار مشدودة لقوة التفكك الاجتماعي. وفي هذه الحالة لا نجد ثمة ضرورة لزومية في العلاقة بين الفئتين، فما ينطبق على بعض الأفراد لا ينطبق بالضرورة على البعض الآخر ضمن نفس الفئة، ومع ذلك يظل الإستقراء منتجاً وصحيحاً، رغم أن صبغته ليست صبغة تقليدية بإعتباره يتعامل احصائياً مع الأفراد المستقرأة. في حين أن باستطاعة علاقة الشد ان تفسّر لنا مثل تلك الحالات، بإعتبارها لا تتضمن عنصر الضرورة.

وينطبق هذا النقد على طريقة إثبات قاعدة عدم التماثل أو الصياغة الجديدة لمبدأ (عدم تكرر الصدفة) الأرسطي، فانتزاع هذه القاعدة بالإستقراء لا يتحقق من خلال اخذ إعتبار روابط اللزوم بين (أ) و(ب)، إذ لا يوجد بين هاتين الظاهرتين علاقة لزومية، بل إن انتزاعها يحصل عبر ملاحظة حركة الظروف والملابسات المعبر عنها بـ (أ) والتي تؤثر على وقوع (ب) في مرات دون أخرى. ومن الواضح ان هذه الظروف لا تتذوق طعم اللزوم والضرورة، وإلا لما كانت (ب) مترددة بين الظهور والعدم.

1 نقدالعقلالمجرد،ص604 ومابعدها.
2 الأسسالمنطقيةللإستقراء،ص266ـ273.
3 المصدرالسابق،ص291.
4 لاحظ،ص259ـ260 و294.
5 نشأةالفلسفةالعلمية،ص104ـ105.
6 انظربهذاالصددالمصادرالتاليةلإبنحزم: المحلى،مطبعةالإمامبالقلعةبمصر،ج1 ،ص32. علمالـكلامعلىمذهبأهلالـسنةوالـجماعة،نشرالمكتبالثـقـافـي،الأزهـر،ط1 ،ص26ـ27. رسالةمراتبالعلوم،ضمنرسائلإبنحزم،المؤسسةالعربيةللدراساتوالنشر،ط1،1983م،ج4 ،ص62. رسالةالتقريبلحدالمنطق،ضمنرسائلإبنحزم،نفسالمعطياتالسابقة،ج4 ،ص197.
7 انظر: عبدالجبارالهمداني: المجموعفيالمحيطبالتكليف،نشروتصحيحالأبجينيوسفاليسوعي،المطبعةالكاثوليكية،بيروت،ج1،ص102 و382 ومابعدها. وشرحالأصولالخمسة،تحقيقوتقديمعبدالكريمعثمان،مكتبةوهبةبمصر،الطبعةالأولى،1965م،ص389ـ390 و571. كذلككتابنا: العقلوالبيانوالاشكالياتالدينية،مؤسسةالانتشارالعربي،الطبعةالأولى،2010م،ص290 ومابعدها.
8 انظرحولذلك: فهمالدينوالواقع،ص14ـ15.
9 انظرحولذلك: منهجالعلموالفهمالديني،الفصلالرابععشربعنوان: البساطةبينالعلموالفهم.
comments powered by Disqus