-
ع
+

الحديث الشيعي وطور النقد والتحقيق

يحيى محمد

لقد بدأت الدعوة الى اجراء التحقيق في سند الحديث من قبل بعض المتأخرين خلال القرن السابع للهجرة، وذلك تأثراً بالطريقة الشائعة لدى اهل السنة. حيث عمل العلامة الحلي او شيخه ابن طاوس على استعارة تقسيم الحديث منهم الى اربعة اقسام هي الصحيح والحسن والموثق والضعيف[1]، حتى صار مسلكاً يحتذي به الاصوليون الشيعة الى يومنا هذا.

ومفهوم الصحيح بحسب التقسيم الجديد هو ان يكون رواته كلهم اماميين موثقين، اما لو كانوا اماميين ولكنهم ممدوحين كلاً او بعضاً مع توثيق الباقي؛ سمي الحديث حسناً، وان كانوا كلهم موثقين لكنهم غير اماميين كلاً او بعضاً؛ سمي الحديث موثقاً، وقد يعبر عنه بالقوي، لكن المتعارف بين الفقهاء ان القوي يطلق على مروي الامامي الذي لم يرد بشأنه مدح ولا ذم، ويسمى الحديث بغير هذه الاقسام الثلاثة او الاربعة ضعيفاً، وميزته ان في سنده مذموماً، أو فاسد العقيدة غير منصوص على ثقته، أو مجهول، وإن كان باقي رواته ممدوحين بالعدالة وما شاكلها. وهناك من يسمي غير القسمين الاولين ضعيفاً. وللضعيف اقسام كثيرة كالمرسل والمرفوع وغيرهما[2]. والمعروف ان ابا حاتم بن حبان اوصل اقسام الضعيف الى تسع واربعين قسماً، وذكر ابن الملقن أن أنواعه تزيد على المائتين[3].

ويعد العلامة الحلي اول من اجرى تطبيق مبدأ تقسيم الحديث، كما في كتابيه (الدر والمرجان في الاحاديث الصحاح والحسان) و(النهج الوضاح في الاحاديث الصحاح) لكن هذه المحاولة مع غيرها من المحاولات ظلت محدودة لا تتسع لجميع اخبار الكتب المعتبرة، واكبر محاولة ظهرت في هذا المجال هي تلك التي دشنها محمد باقر المجلسي في مطلع القرن الثاني عشر الهجري وذلك في كتابه (مرآة العقول) حيث عمل على تقسيم الحديث لكتاب الكافي للكليني دون غيره من الكتب الاربعة المعروفة. ولم يظهر بعد هذا الكتاب ما يضاهيه سعة وشمولاً في التصحيح والتمييز، وظل التقليد العلمي للفقهاء هو جعل التصحيح والتمييز مهمة فردية يقوم بها المجتهدون، كل بحسب ظنه واجتهاده، مع ترك الروايات المدونة في الموسوعات الحديثية على ما هي عليه كمصدر للاجتهاد. وكان من ابرز الموسوعات التي اعتمدها الفقهاء المتأخرون في الاجتهاد هي موسوعة (وسائل الشيعة) للحر العاملي، وذلك لانها اشتملت على روايات الاحكام في الكتب الاربعة مع غيرها من الكتب المعتبرة الاخرى، وقد ألحق بها الشيخ النوري موسوعته المتممة (مستدرك وسائل الشيعة).

وقد افضى تقسيم الحديث الى طرح الكثير من الاخبار لعلة ضعف سندها، حتى قدّر ما ضعّف من الأخبار التي تضمنتها الجوامع الاربعة إلى ما يتجاوز النصف من الأخبار. ففي (الكافي) وحده أحصى المجلسي في (مرآة العقول) الأخبار التي تطرح استناداً إلى ذلك الاصطلاح، وبغض النظر عن القرائن الأخرى، فبلغت أكثر من ثلثي الأخـبار الموجـودة فـيه[4]. فعدد الأحاديث الموجودة في (الكافي) هو (16199) حديث، وبحسب الاصطلاح الجديد للحديث يكون منها (5072) حديثاً صحيحاً، و(144) حديثاً حسناً، و(1118) موثقاً، و(302) قوياً، و(9485) ضعيفاً[5]. اما كتاب (من لا يحضره الفقيه) فقد عدت أحاديثه المرسلة (2050) حديث، اما أحاديثه المسندة بما فيها الضعيفة والصحيحة فهي (3913) حديث[6].

وقيل ان السبب الذي دعا الى تقسيم الحديث هو انه لما طالت المدة بين العلماء المتأخرين وبين الصدر الاول، وخفيت عليهم القرائن التي اوجبت صحة الاخبار عن المتقدمين، لجأوا الى التنويع والتقسيم، لمعرفة صحيح الاخبار من ضعيفها[7]. كما علل بعض الاصوليين الوضع الجديد بانه كان بسبب اختلاط الاصول المعتمدة بغيرها واندراس هذه الاصول فضلاً عن خفاء القرائن، ولأن اصحاب الجوامع الاربعة كانوا يعتمدون على اجتهاداتهم في تصحيح الاحاديث[8]. لكن الحر العاملي اعترض على هذا التعليل فانكر ان يكون قد حصل اختلاط واندراس في الاصول، لا في زمن اصحاب الجوامع الاربعة ولا بعدهم[9]، واستشهد على ذلك بما اشار اليه الشيخ حسن العاملي في (المعالم والمنتقى) بان أحاديث الكتب الاربعة وامثالها كانت محفوفة بالقرائن، وانها منقولة من الاصول والكتب المجمع عليها من غير تغيير، وكثيراً ما سلك المتأخرون مسلك المتقدمين وعملوا باصطلاحهم[10].

وعلى رأي الاخبارية ان الفهم السابق للحديث الصحيح كما يعول عليه المتأخرون من الاصوليين هو غير فهم قدماء المحدثين والجامعين للاخبار. فقد ذكر الاسترابادي وتابعه الحر العاملي ان للحديث الصحيح عند القدماء والاخبارية ثلاثة معان يقابلها ثلاثة اخرى للحديث الضعيف، احدها بمعنى القطع بصدور الخبر عن المعصوم، وثانيها يتضمن نفس المعنى الاول مع زيادة قيد آخر هو عدم وجود معارض اقوى منه، وثالثها ما كان مضمون الخبر معبراً عن حكم الله في الواقع وان لم يقطع بصدوره عن المعصوم[11].

وبهذا المنطق اعتبرت الاخبارية ان إحداث الاصطلاح الجديد في تقسيم الحديث يفضي الى زوال الدين، حتى قال بعضهم ان الدين هدم مرتين: يوم السقيفة، ويوم احدث الاصطلاح الجديد في الاخبار، او يوم ولد العلامة الحلي - كما في عبارة اخرى - وذلك باعتباره المسؤول عن هذا الإحداث[12].

ومن الناحية العلمية قدمت الاخبارية شهادتين للقدماء تستبعد فيهما التقسيم المستحدث للاصوليين، احداهما تخص توثيق الرواة، والاخرى تؤكد صحة الاحاديث المدونة في الجوامع الاربعة وغيرها من الاصول القديمة، وتفصيل ذلك يأتي من خلال الفقرتين الاتيتين:

اولاً: ذهب الاخباريون الى تعديل رواة الحديث من اصحاب الائمة بما يشبه ما ذهب اليه اهل السنة في تعديل الصحابة، فزعموا ان القدماء وثقوا رجال الامام الصادق الذين يقدر عددهم باربعة الاف رجل. واحتج الحر العاملي على ذلك بكلمات بعض القدماء من امثال الشيخ المفيد وابن شهر آشوب، حيث صرح المفيد بان اصحاب الحديث نقلوا اسماء الرواة عن الامام الصادق من الثقات وكانوا اربعة الاف رجل، كالذي اطلعنا عليه من قبل. كما عبر ابن شهر آشوب في (المناقب) من أن الذين رووا عن الصادق من الثقات كانوا أربعة آلاف رجل، وأن ابن عقدة ذكرهم في رجاله[13]. ولم يستبعد الحر العاملي في (أمل الآمل) ان يكون أصحاب الصادق كلهم موثوقين إلا من ثبت ضعفه[14].

وقد توهم بعض الاخباريين من ان الاصل في توثيق اصحاب الصادق هو ابن عقدة، كالذي ذهب اليه الشيخ النوري[15]. فعلى ما اشار اليه المحقق الخوئي هو ان اصل التوثيق يعود الى الشيخ المفيد، وتبعه في ذلك ابن شهر آشوب وغيره، أما ابن عقدة فإن ما نسب إليه هو فقط تعداد هؤلاء الاصحاب مع ذكر لكل واحد منهم حديثاً. واضاف الخوئي ان هذه الدعوى من التوثيق غير قابلة للتصديق، اذ لو فرضنا ان اصحاب الصادق عبارة عن اربعة الاف رجل فقط، وكانوا جميعاً ثقاة، فان ذلك سيتنافى مع تضعيف الشيخ الطوسي لجماعة منهم؛ كابراهيم بن أبي حبة والحارث بن عمر البصري وعبد الرحمن بن الهلقام وعمرو بن جميع وغيرهم. ناهيك عن ان من المستحيل عادة ان يكون جميع الرجال ثقاة وهم من طبقات ومذاهب شتى. اما لو فرضنا العدد اكثر من المذكور، وان الثقاة منهم اربعة الاف فقط، فهذا الافتراض وان كان ممكناً وقابلاً للتصديق في نفسه، الا انه لا يترتب عليه اثر، فلو فرض ان اصحاب الصادق كانوا ثمانية آلاف، والثقات منهم أربعة آلاف، فانه ليس لنا طريق إلى معرفة الثقات منهم على وجه التشخيص. وبالتالي فسواء كان اصحاب الامام الصادق اربعة الاف او اكثر فهم ليسوا سواء من حيث التوثيق، طالما ان المنقول عنهم هم بين ثقات وغير ثقات، كالذي يدل عليه تضعيف الطوسي لجماعة منهم[16].

ثانياً: كما استشهد الاخباريون على دعواهم في صحة الاخبار المدونة في الجوامع الحديثية المعروفة باقوال عدد من العلماء المتأخرين والمتقدمين، ومن بينهم اصحاب الكتب الاربعة. فمن المتأخرين استشهدوا بقول الشيخ بهاء الدين العاملي في (مشرق الشمسين) حيث علق على التقسيم المستحدث للحديث فقال: ‹‹وهذا الاصطلاح لم يكن معروفاً بين قدمائنا كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم، بل المتعارف بينهم إطلاق (الصحيح) على ما اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه، وذلك بامور: منها وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتصلة بأصحاب العصمة، وكانت متداولة في تلك الأعصار ومشتهرة بينهم اشتهار الشمس في رائعة النهار، ومنها تكرره في أصل أو أصلين منها فصاعداً بطرق مختلفة وأسانيد عديدة معتبرة، ومنها وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم؛ كزرارة ومحمد بن مسلم والفضيل بن يسار، أو على تصحيح ما يصح عنهم، كصفوان بن يحيى ويونس بن عبد الرحمن وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، أو العمل برواياتهم كعمار الساباطي وغيرهم ممن عدهم شيخ الطائفة في (العدة) كما نقله عنه المحقق الحلي في بحث التراوح من (المعتبر) ومنها اندراجه في أحد الكتب التي عرضت على الأئمة صلوات الله عليهم فأثنوا على مصنفيها، ككتاب عبيد الله بن علي الحلبي الذي عرضه على الصادق، وكتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على العسكري، ومنها كونه مأخوذاً من الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها؛ سواء كان مؤلفوها من الفرقة الناجية المحقة ككتاب (الصلاة) لحريز بن عبد الله، وكتب ابني سعيد وعلي بن مهزيار، أو من غير الإمامية ككتاب حفص بن غياث القاضي، وكتب الحسين بن عبيد الله السعدي وكتاب (القبلة) لعلي بن الحسن الطاطري، وقد جرى رئيس المحدثين على متعارف القدماء فحكم بصحة جميع أحاديثه، وقد سلك ذلك المنوال جماعة من أعلام علماء الرجال لما لاح لهم من القرائن الموجبة للوثوق والاعتماد[17].

واحتج الاخباريون ايضاً باقوال القدماء واعتبروها شاهدة على صحة الاخبار المدونة في الجوامع الحديثية. فقد صرح زعيم الاخبارية الاسترابادي قائلاً: ‹‹ان الامام ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني وسيدنا الاجل المرتضى وشيخنا الصدوق ورئيس الطائفة قدس الله ارواحهم لم يفتروا في اخبارهم بان أحاديث كتبنا صحيحة، او بانها مأخوذة من الاصول المجمع عليها، ومن المعلوم ان هذا القدر من القطع العادي كاف في جواز العمل بتلك الاحاديث››[18]. وقال ايضاً: ‹‹اقول اولاً كلما راجعت وجداني وجدت قطعاً عادياً بان الائمة الثلاثة وسيدنا الاجل المرتضى، وبيان من ذكرنا ومن لم نذكر اسمه في كتابنا هذا من قدمائنا، لم يفتروا ولم يكذبوا فيما اخبروا به من ان أحاديث كتبنا المتداولة، لاسيما الكتب الاربعة، كلها لواردة عن اصحاب العصمة، وكانت مسطورة في كتب اصحابهم المصنفة بامرهم واشارتهم، وانهم لم يدخلوا في كتبهم ما لم يعتمد عليه مما لم يثبت وروده عنهم (ع) ››[19]

لكن ما ذكره الاسترابادي فيه نظر، وتعليقنا عليه سيكون بحسب الفقرات التالية:

1ـ ان ما نسبه الاسترابادي الى الشريف المرتضى بانه قائل بصحة أحاديث الكتب المعتبرة في زمانه، ربما يشير الى ما جاء عنه في (جواب المسائل التبانيات) من نص يوثق فيه تلك الاخبار، حيث يقول بالحرف الواحد: ‹‹ليس كل ما رواه أصحابنا من الأخبار وأودعوه في كتبهم وإن كان مستنداً إلى رواة معدودين من الآحاد، معدوداً في الحكم من أخبار الآحاد، بل أكثر هذه الأخبار متواتر موجب للعلم››[20]. وقد نقل عنه الشيخ حسن العاملي نصاً يقارب ما ذكرناه[21]، واعتمد عليه في النقل كل من تأخر عنه من الاخباريين وغيرهم[22].

ويبدو ان المرتضى يريد من ذلك ليس ما سطره اصحاب الحديث من الاخبار، بل خصوص ما يتعامل به المحققون من الفقهاء والمتكلمين، بدلالة انه في ذات الصفحة التي يعترف بها بتواتر اكثر الاخبار يشير الى عدم التعويل على مصنفات اصحاب الحديث. وهو سواء في هذه الرسالة او غيرها من رسائله لا يعترف بوجود التواتر في الكتب التي صنفها اصحاب الحديث، ويرى ان كتبهم مملوءة باخبار الاحاد، الامر الذي نقدهم عليها كما سيأتينا تفصيل ذلك فيما بعد.

2ـ لقد اعتمد الاسترابادي على شهادة اصحاب الكتب الاربعة في تصحيح أحاديثهم، كما جاء في مقدمة كل واحد منهم لكتابه. فقد ذكر الكليني بان كتابه جاء وفقاً لطلب بعض السائلين الذي اشكلت عليه اختلاف الرواية وانه يود ان يكون عنده ‹‹كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم، ويرجع اليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالاثار الصحيحة عن الصادقين (ع) والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدي فرض الله عز وجل وسنة نبيه (ص)››. واجاب الكليني على هذا الطلب بقوله: ‹‹فاعلم يا أخي أرشدك الله أنه لا يسع أحداً تمييز شيء مما اختلف الرواية فيه عن العلماء عليهم السلام برأيه، إلا على ما أطلقه العالم بقوله عليه السلام : اعرضوها على كتاب الله فما وافق كتاب الله عز وجل فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه، وقوله عليه السلام : دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم، وقوله عليه السلام: خذوا بالمجمع عليه، فان المجمع عليه لا ريب فيه. ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم عليه السلام وقبول ما وسع من الامر فيه بقوله عليه السلام : بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم. وقد يسر الله - وله الحمد - تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت، فمهما كان فيه من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة، إذ كانت واجبة لاخواننا وأهل ملتنا، مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكل من اقتبس منه، وعمل بما فيه دهرنا هذا، وفي غابره إلى انقضاء الدنيا[23].

ويبدو ان ظاهر عبارة الكليني تشير الى هذا المعنى الذي اثاره الاخباريون من انه كان لا يتردد في القطع بصدور رواياته عن الائمة، وإن جاء في بعضها ما يخالف الحق باعتبارها وردت للتقية وما اليها، اي ان ما كان يشكو منه الكليني في كلمته لا يتعلق بالصدور، بل بتمييز الروايات ذات المضامين الحقة عن غيرها، لذا انتهى الى منهج الاختيار تعويلاً على رواية الامام، وهو منهج عملي شبيه بما لجأ اليه الاصوليون المتأخرون في اجراء الاصول العملية عند التمشكل في الشك بالحكم، كالاخذ باصل البراءة او التخيير او الاحتياط او غيرها من الاصول.

لكن مع هذا يمكن اعتبار ذلك اجتهاداً من الكليني، فالقدماء كثيراً ما كان بعضهم يضعف ما يصححه البعض الاخر للاحاديث رغم قرب عهدهم بالائمة او معاصرتهم لهم[24]. والامر ينطبق على مسألتنا هنا، ذلك ان العلماء لم يسلموا بصدور جميع روايات الكليني عن الائمة، وكان ممن اعترض عليه الشريف المرتضى والشيخ المفيد كما سنرى، وكذا ان الشيخ الصدوق كان يتردد في بعض ما جاء به الكليني من روايات، حيث ابدى عدم قبول ما رواه الاخير بخلاف ما عنده من توقيع بخط الامام الحسن العسكري في باب ( الرجل يوصي الى رجلين) وقال: ‹‹هذا التوقيع عندي بخط ابي محمد الحسن بن علي (ع) وفي كتاب محمد بن يعقوب الكليني رواية خلاف ذلك التوقيع عن الصادق (ع) بل افتي بما عندي بخط الحسن بن علي››[25]. وايضاً فإن الشيخ الطوسي قد رد في كتابه (التهذيب) بعض اخبار الكافي ووصفها بالضعف والشذوذ[26].

لكن هذا التضعيف وذلك الرد للروايات لم يكن يعني عند الاخبارية سوى التضعيف من جهة الترجيح والتعارض مع نفي ان يكون مقصد اولئك الاعتراض على صدورها عن المعصوم، وبهذا يصبح تعليل الاخباريين لصدورها محمولاً على جواز كونها من التقية او غيرها من المحامل[27].

كما عد المحقق الخوئي ان كلام الصدوق في مقدمة (من لا يحضره الفقيه) يدل على انه لا يرى في كتاب الكافي مشتملاً على الصحيح الصرف، بل فيه الصحيح وغير الصحيح كسائر المصنفات. ولو كان الصدوق يرى روايات الكافي كلها صحيحة لما كان هناك داع لكتابة (من لا يحضره الفقيه) خاصة وان الكافي اشمل واوسع من هذا الاخير[28]. وللتأكيد فان الصدوق قال في باب (الوصي يمنع الوارث) : ‹‹ما وجدت هذا الحديث إلا في كتاب محمد بن يعقوب (الكليني) ولا رويته إلا من طريقه››، فلو كانت روايات الكافي كلها قطعية الصدور، فكيف يصح ذلك القول من الشيخ الصدوق[29] ؟ وهو لم يرو عن الكليني اكثر من سبعة أحاديث[30]. بل حتى المحدث النوري قد اعترض على شيخه الاسترابادي فيما رام اليه من جعل أحاديث الكليني قطعية، واعتبر ان القرائن التي قدمها لمدعاه لا تنهض[31].

3ـ كذلك اعتبر الاخباريون ان ديباجة كتاب الصدوق (من لا يحضره الفقيه) هي ايضاً شاهدة على تصحيحه للاخبار التي نقلها، ذلك ان البعض سأله ان يصنف له كتاباً في الفقه والحلال والحرام والشرايع والاحكام، فاستجاب له وقال: ‹‹صنفت له هذا الكتاب بحذف الاسانيد لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده، ولم اقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه، بل قصدت الى ايراد ما افتي به واحكم بصحته، واعتقد فيه انه حجة فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره وتعالت قدرته، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول واليها المرجع››[32].

فقد اعتبر الاخباريون هذا الكلام صريحاً على معنى القطع بصدور الاخبار التي رواها الصدوق عن الامام، وهو ما لم يتفق عليه الاصوليون، ومنهم البهبهاني الذي اعتبر قول الصدوق بصحة ما رواه وما استخرجه من الكتب المعول عليها؛ بانه على معنى خلاف الظاهر، وهو كقول المتأخرين عن الكتب الاربعة بانها معتبرة عليها المعول والمرجع، مستشهداً على ذلك بانه لم يقطع بصدور العديد من الاخبار عن المعصوم[33].

وذهب الخوئي في نقده للاخبارية بان الصدوق قد صرح بانه يتبع في تصحيح الاحاديث شيخه ابن الوليد، فيأخذ ما اخذه ويترك ما تركه، اي انه لا ينظر الى حال الراوي حسب التعديل والتجريح، بل يعتمد في ذلك على غيره، فكيف يكون له قطع بصدور الروايات اذا ما كان حاله هذا الحال من التقليد؟ بالاضافة الى ان الصدوق كان يعتبر كل رواية يجدها في كتاب شيخه او غيره من المشايخ المعول عليهم، يعتبرها صحيحة رغم ان فيها المراسيل، فكيف يتسنى لنا الحكم بقطعية صدور مثل هذه الروايات اعتماداً على تصحيح الصدوق الذي لم يحقق فيها شيئاً؟ وينتهي الخوئي الى ان تصريح الصدوق بصحة رواياته انما يعبر عن وجهة نظره وليس من باب الحجة على الغير[34].

وقد واجه الصدوق انتقادات عديدة من معاصريه، ومن ذلك ان المفيد والمرتضى عرّضا  فتوى اصحاب العدد في صيام شهر رمضان الى النقد، وكان على رأس هؤلاء الشيخ الصدوق. لكن الاخباريين اعتبروا فتوى الصدوق في العدد جاءت للغفلة والسهو، حيث وردت الاخبار الدالة على الفتوى موافقة لبعض مذاهب العامة مما يعني جواز حملها على التقية[35]، رغم ان المرتضى طعن بأصل صدور هذه الاخبار عن المعصوم.

4ـ وبخصوص الشيخ الطوسي فقد ذهب بعض الاخباريين الى ان الروايات التي دونها هذا الشيخ في كتابيه (التهذيب والاستبصار) تعد صحيحة، واستدل على ذلك بما حكاه الفيض الكاشاني في (الوافي) عن (عدة الاصول) من ان الطوسي قال: ‹‹إن ما أورده في كتابي الاخبار إنما آخذه من الاصول المعتمد عليها››. وقد اعتبر هذا الكلام شاهداً على صحة جميع ما رواه الطوسي في كتابيه. لكن المحقق الخوئي نفى ان تكون تلك العبارة في (عدة الاصول)[36].علماً بان الاصول التي تحدث عنها الشيخ الطوسي سبق ان اشار اليها في (الفهرست) معتبراً ان الكثير من اصحابها ينتحلون المذاهب الفاسدة وان كانت كتبهم معتمدة[37]، مما لا يعني بالضرورة انه يوثق جميع ما يرويه عن هذه الاصول. لذلك صرح البهبهاني بان تضعيف الطوسي للكثير من الروايات في كتابيه انما كان من باب نفي صدورها عن المعصوم وليس من باب التقية[38].

كما ان الحر العاملي اعتبر ان ما ينفى من كتب الطوسي وغيرها من الكتب المعتمدة هو قسم الحديث الضعيف الذي لم يثبت صدوره عن المعصوم ولا يعلم كون مضمونه حقاً يطابق حكم الله في الواقع، فتكون الاحاديث الكثيرة التي ضعفها الشيخ في كتابيه (التهذيب والاستبصار) ليست من هذا القسم، حيث انها تصبح ضعيفة بالقياس الى ما هو اقوى منها معارضة، وان علم صدورها عن المعصوم[39]. كذلك اعتبر ان شبهة تضعيف الطوسي للاخبار من جهة الراوي، على ما يثيرها الاصوليون[40]، قد تجد لها جواباً من ان هذا التضعيف كان ظاهرياً لا حقيقياً، خاصة وان تضعيفاته كانت في مقام التعارض، إضافة الى انه كثيراً ما يعمل بالروايات الضعيفة والمرسلة ويرجحها على الروايات المسندة والموثقة[41]. وسبق للاسترابادي ان نقل عن الطوسي في (عدة الاصول) انه اعتبر الاحاديث التي عمل بها صحيحة، لكن الفاضل التوني علق على ذلك فقال: ‹‹تصفحت العدة فما رأيت هذا الكلام فيه››[42].

يظل ان اغلب الاخباريين يسلمون بان ما جاء في الكتب الاربعة من الروايات الصحيحة هي كل ما ورد في الكافي ومن لا يحضره الفقيه وما عمل به الطوسي في كتبه كلها، كالذي ذهب اليه الكركي[43].

والحقيقة ان الطوسي لا يرى الروايات التي نقلها او عمل بها هي روايات قطعية الصدور والثبوت، ذلك انه في (عدة الاصول) اعتبر اخبار الاحاد ليست مقطوعة الصدور ولا ثابتة المضمون، ومع هذا فقد تعبد بها لما ادعاه من اجماع الاصحاب على العمل بها، الامر الذي رأى في ذلك حجة.

بالاضافة الى ان الطوسي لا يسلم احياناً بصحة صدور الاخبار التي لها علاقة بالقضايا العقائدية إن كانت تتعارض مع مسلماته العقلية، رغم انها منقولة عن الكتب المعتمدة، كما هو الحال مع اخبار الاحباط التي عدها المحدث الجزائري من المتواترات. مع ان الطوسي كان يعدها من اخبار الاحاد التي لا ترد ادلة العقول، ويرى انها لو صحت لاجرى عليها التأويل مثلما يفعل ذلك مع القرآن الكريم[44].

كما ان عبارات الطوسي في (التهذيب والاستبصار) لا تدل على كونه يشترط العمل بالحديث الصحيح او المقطوع الصدور. فقد صنف الاخبار في (الاستبصار) الى عدد من الانواع تندرج ضمن قسمين رئيسين: فهناك قسم يدخل ضمن الصحيح، وهو ما اطلق عليه بانه يوجب العلم، كالخبر المتواتر، والخبر الذي تقترن اليه قرينة توجب العلم؛ مثل مطابقته لأدلة العقل، او لظاهر القرآن، او للسنة المقطوع بها، او لما اجمع المسلمون عليه، او لما اجمعت عليه فرقة الامامية الاثني عشرية. كما هناك قسم اخر هو خبر الاحاد الذي يتعرى عن تلك القرائن المفيدة للعلم، وقد حسبه مما يجوز العمل به على شروط ذكرها[45].

وعلى نفس هذه الشاكلة اكد الطوسي في (التهذيب) ان ما يعمل به هو ليس فقط ما كان صحيحاً من الاخبار، او تلك التي تفيد العلم، بل ايضاً الاخبار التي لا تصل الى هذه المرتبة ضمن شروط، ومن ذلك انه الزم نفسه بتقديم ما جاء من أحاديث الاصحاب المشهورة لينظر بعد ذلك فيما ورد من الروايات التي تنافيها، فقد يعمل بتأويل بعضها لاجل الجمع بين المتنافيات، او يعمل بالخبر المعارض الذي يوافق دلالة الاصل وترك ما يخالفه، وهكذا دون ان يحصر العمل فيما يصطلح عليه بالصحيح في الحديث[46].

***

عموماً ان اصحاب الكتب الاربعة كانوا يختلفون في نظرتهم الى ما جمعوه من روايات. فالكليني في الكافي كان يميل الى ثبوت رواياته عن الامام المعصوم، لكنه لا يعدها كلها صحيحة بالمعنى الذي تطابق فيه الحكم الالهي او كما يريد لها المعصوم، لذلك اتخذ على عاتقه الانتقاء ومبدأ الاختيار بما وسع له كما دلل على ذلك برضى الائمة. اما الشيخ الصدوق فانه اعتبر ما جمعه من الاحاديث صحيحة بالمعنى الذي يكون مضمونها حجة فيما بينه وبين الله. في حين التزم الشيخ الطوسي مناقشة الاحاديث التي جمعها ووجّه بعضها وطرح بعضاً اخر ولم يلتزم العمل بكل ما جمعه بخلاف ما عليه سابقيه. وفي جميع الاحوال ليس هناك ما يثبت زعم الاخباريين من ان الروايات المدونة في الكتب المعتبرة هي روايات ثابتة الصدور عن الائمة.

بل أثبتنا في دراسة مستقلة بان الحديث الشيعي برمته ينطبق عليه دليل الانسداد، وذلك تبعاً لكل من علم التوثيق وعلم الرواية وعلم الدلالة. علماً ان عدداً من العلماء ذهبوا الى هذا الدليل اثر الصراع الاصولي الاخباري، فتشكلت بذلك مرحلة جديدة من مراحل تطور الحديث الشيعي، لكنها لم تثبت فترة طويلة، واستمر العمل بطور التحقيق حتى يومنا هذا.









[1] يوسف البحراني: الدرر النجفية، مؤسسة آل البيت لاحياء التراث، ص165، والحدائق الناضرة، ج1، ص14، كذلك: وسائل الشيعة، المكتبة الاسلامية، طهران، ج20، ص68

[2] لاحظ حول ذلك: الفيض الكاشاني: الاصول الأصيلة، تصحيح وتعليق مير جلال الدين الحسيني، سازمان چاب دانشگاه، ايران، 1390هـ، ص63، وحسن بن زين الدين العاملي: منتقى الجمان، تعليق علي اكبر الغفاري، منشورات جامعة المدرسين بقم، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، ص4ـ5، ونهاية الدراية، ص264ـ266، والمير محمد باقر الداماد: الرواشح السماوية في شرح الاحاديث الامامية، منشورات مكتبة المرعشي النجفي، قم، 1405هـ، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص40ـ41

[3] الرسالة المستطرفة، ص217

[4]  يوسف البحراني: لؤلؤة البحرين، حققه وعلق عليه محمد صادق بحر العلوم، مطبعة النعمان، النجف، ص394ـ395، كذلك: هاشم معروف الحسني: الموضوعات في الآثار والأخبار، دار الكتاب اللبناني، بيروت، الطبعـة الأولى، 1973م، ص44

[5] لؤلؤة البحرين، ص394ـ395، لكن يلاحظ أن مجموع تلك الأعداد يعطي (16121) حديثاً، ولا يعطي العدد الكلي المتمثل بـ (16199).

[6] روضات الجنات، ج6، ص109

[7] الحدائق الناضرة، ج1، ص15

[8] الدرر النجفية، ص165ـ166، كذلك: وسائل الشيعة، ج20، ص68

[9] قيل ان اضمحلال تلك الاصول إنما وقع بسبب الاستغناء عنها بكتب الجوامع التي دوّنها اصحاب الاخبار، لكونها احسن منها جمعاً وأسهل تناولاً، وإلا فتلك الاصول قد بقي اكثرها إلى زمن ابن طاوس الذي نقل منها شيئاً كثيراً في مصنفاته (الحدائق الناضرة، ج1، ص19).

[10] وسائل الشيعة، ج20، ص77 و68ـ69.

[11] محمد امين الاسترابادي: الفوائد المدنية، طبعة حجرية قديمة، ص177، كذلك: وسائل الشيعة، ج02، ص107، والاصول الاصيلة، ص63.

[12] اعيان الشيعة، ج5، ص401.

[13] وسائل الشيعة، ج30، الفائدة السادسة، ص208.

[14] معجم رجال الحديث، ج1، ص55ـ56.

[15] خاتمة المستدرك، ج4، ص52 و220.

[16] معجم رجال الحديث، ج1، ص56ـ57.

[17] وسائل الشيعة، ج30، الفائدة السادسة، ص199

[18] الفوائد المدنية، ص253

[19] المصدر السابق، ص275

[20] مجموعة رسائل الشريف المرتضى، اعداد مهدي رجائي، تقديم واشراف احمد الحسيني، نشر دار القرآن الكريم، قم، 1405هـ، ج1، ص26

[21] ما نقله حسن العاملي هو قول المرتضى: ‹‹ان اكثر اخبارنا المروية في كتبنا معلومة مقطوعة على صحتها؛ اما بالتواتر او بامارة وعلامة دلت على صحتها وصدق رواتها، فهي موجبة للعلم ومقتضية للقطع، وان وجدناها مودعة في الكتب بسند مخصوص من طريق الاحاد›› (حسن بن زين الدين العاملي: معالم الدين وملاذ المجتهدين، اخراج وتحقيق وتعليق عبد الحسين محمد علي بقال، منشورات مكتبة الداوري، قم، ص350، ومنتقى الجمان، ج1، ص2ـ3).

[22] لاحظ مثلاً: الحر العاملي: الفوائد الطوسية، المطبعة العلمية، قم، 1403هـ، فائدة (49) ص214، ووسائل الشيعة، ج20، ص76، ومرتضى الانصاري: فرائد الاصول، تحقيق وتقديم عبد الله النوراني، مؤسسة النشر الاسلامي، قم، الطبعة الثالثة، 1411هـ، ج1، ص152). وقد علق الحر العاملي على النص بما وجهه من كلام يتفق مع النزعة الاخبارية، فقال: ‹‹قال السيد المرتضى في العبارة السابقة: اكثر أحاديثنا؛ اما لان بعض الكتب كانت غير معتمدة، وكانت متميزة عن الكتب المعتمدة، وكانت اكثر مؤلفات الشيعة معتمدة معلومة مجمعاً عليها، واما لان أحاديث الكتب المعتمدة التي يقطع بثبوتها عنهم (ع) فيها ما له معارض اقوى منه فلا يوجب العلم والعمل وان اوجب العلم بثبوته عن المعصوم، فلا يعلم كونه حكم الله، بل يعلم كونه من باب التقية. فمراده بالصحة هنا المعنى الاخص، اعني ثبوت النقل وانتفاء المعارض المساوي او الراجح... واما ما يوجد في بعض كلامه من الطعن في ظواهر الاخبار، فوجه ظاهر لوجود معارضها وعدم امكان العمل بظاهرها، او لان مراده بالاخبار هناك اعم من اخبار الكتب المعتمدة وغيرها، وذلك كله واضح، مع ان الشيخ - الطوسي - في (العدة) اشار الى دفع ذلك بانه انما يقول برد الاخبار التي يرويها المخالفون، لا ما يرويه ثقات الامامية›› (الوسائل، ج20، ص76ـ77 ). لكنا سنرى ان نقد المرتضى للروايات كان جذرياً غير هذا الذي صوره الحر العاملي.

[23] مقدمة كتاب الكافي، ج1، ص8ـ9

[24] رسالة الاجتهاد والاخبار، مصدر سابق، ص72ـ73

[25] الفوائد المدنية ص51، والوسائل، ج20، ص108

[26] حسين العاملي الكركي: هداية الأبرار، الطبعة الاولى، 1396هـ، ص20

[27] الفوائد المدنية، ص51، والوسائل، ج02، ص108، وهداية الابرار، ص20

[28] يمكن ان يجاب على هذه النقطة بان مهمة الصدوق هي اخص من مهمة الكليني، فغرض الصدوق هو الافتاء بصحة مضامين الاحاديث التي ضمها كتابه، اما غرض الكليني فمختلف، حيث اورد الاحاديث الصحيحة وغير الصحيحة المضمون، وبالتالي كان عمل الصدوق مبرراً حتى لو اعتقد ان روايات الكافي قطعية الصدور.

[29] معجم رجال الخوئي، ج1، ص26ـ27 و87ـ88

[30] نهاية الدراية، ص543

[31] خاتمة المستدرك، ج3، ص470

[32] من لا يحضره الفقيه، ج1، ص3

[33] رسالة الاجتهاد والاخبار، ص67ـ68

[34] معجم رجال الخوئي، ج1، ص26ـ27 و87ـ88

[35] هداية الابرار، ص23

[36] معجم رجال الحديث، ج1، ص89

[37] الفهرست، ص2

[38] رسالة الاجتهاد والاخبار، ص63ـ64

[39] الوسائل، ج20، ص108

[40] لاحظ مثلاً: رسالة الاجتهاد والاخبار، ص63ـ67

[41] الوسائل، ج20، ص111ـ112

[42] رسالة الاجتهاد والاخبار، ص48

[43] هداية الابرار، ص17

[44] الطوسي: الرسائل العشر، تقديم واعظ زادة الخراساني، مؤسسة النشر الاسلامي لجماعة المدرسين بقم، ص325ـ326

[45] والشروط التي ذكرها الطوسي هي انه ‹‹اذا كان الخبر لا يعارضه خبر فان ذلك يجب العمل به؛ لانه من الباب الذي عليه الاجماع في النقل، الا ان تعرف فتاواهم بخلافه فيترك لاجلها العمل به. وان كان هناك ما يعارضه فينبغي ان ينظر في المتعارضين؛ فيعمل على اعدل الرواة في الطريقين. وان كانا سواء في العدالة عمل على اكثر الرواة عدداً. وان كانا متساويين في العدالة والعدد، وهما عاريين من جميع القرائن التي ذكرناها، نظر فان كان متى عمل باحد الخبرين امكن العمل بالاخر على بعض الوجوه وضرب من التأويل كان العمل به اولى من العمل بالاخر الذي يحتاج مع العمل به الى طرح الخبر الاخر، لانه يكون العامل بذلك عاملاً بالخبرين معاً. واذا كان الخبران يمكن العمل بكل واحد منهما وحمل الاخر على بعض الوجوه وضرب من التأويل، وكان لاحد التأويلين خبر يعضده او يشهد به على بعض الوجوه صريحاً او تلويحاً لفظاً او دليلاً، وكان الاخر عارياً من ذلك، كان العمل به اولى من العمل بما لا يشهد له شيء من الاخبار. واذا لم يشهد لاحد التأويلين خبر اخر وكان متحاذياً؛ كان العامل مخيراً في العمل بايهما شاء. واذا لم يمكن العمل بواحد من الخبرين الا بعد طرح الاخر جملة لتضادهما وبعد التأويل بينهما؛ كان العامل ايضاً مخيراً في العمل بايهما شاء من جهة التسليم، ولا يكون العاملان بهما على هذا الوجه اذا اختلفا وعمل كل واحد منهما على خلاف ما عمل عليه الاخر مخطئاً ولا متجاوزاً حد الصواب...›› (مقدمة الاستبصار، ج1، ص3ـ5 )

[46] مقدمة تهذيب الأحكام، تقديم حسن الخرسان، دار الكتب الاسلامية، طهران، الطبعة الثالثة، 1390هـ، ج1، ص3ـ4).

comments powered by Disqus